الثلاثاء، 7 فبراير 2012

( بلادي اليوم) تنفرد بنشر قصة المحكمة الجنائية الدولية في لبنان

تكثر التساؤلات عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فما هي ومتى تشكلت وما هي سماتها ومن هي الأطراف اللبنانية الرافضة والمؤيدة لها وما مدى شرعيتها ؟ كل ذلك يناقشه تقرير خاص قام به مركز بلادي للدراسات والأبحاث الإستراتيجية, والذي سيكون على حلقتين، في هذه الحلقة سيتم تناول تشكيل المحكمة ومهامها والأطراف الرافضة والمؤيدة لها وفي الحلقة الثانية ستتم مناقشة مشروعية المحكمة عن طريق دراسة قانونية للدستور اللبناني الصادر في 23 أيار 1926 وقرار مجلس الامن 1757.
• مركز بلادي للدراسات والابحاث الإستراتيجية
تمهيد :
المحكمة الدولية هي محكمة جنائية ذات طابع دولي اقترِحت وأقرِت من قبل مجلس الأمن؛ للنظر في نتائج التحقيق التي تقوم بها لجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، ومقرها مدينة لاهاي في هولندا.
بدأت المحكمة أعمالها في 1 مارس 2009.
تنظيم المحكمة الخاصة:
تتألف المحكمة الخاصة من أربع هيئات هي: الدوائر، والمدعي العام، وقلم المحكمة، ومكتب الدفاع.
السمات الرئيسة:
القانون الساري: يسري على المحكمة الخاصة قانون ذو طابع وطني، إذ إن النظام الأساسي ينص على أن تطبّق المحكمة الخاصة أحكام قانون العقوبات اللبناني المتعلقة بالملاحقة والمعاقبة على جملة أمور من بينها الأعمال الإرهابية، والجرائم، والجُنح التي تُرتكـَب ضد حياة الأشخاص وسلامتهم الشخصية.
استثناء عقوبتي الإعدام والأشغال الشاقة اللتين تظلان فيما عدا ذلك ساريتين بموجب القانون اللبناني.
المحكمة الخاصة للبنان ذات طابع دولي نصّ عليه صراحة الطلب المقدم من الحكومة اللبنانية إلى الأمين العام للأمم المتحدة؛ لإنشاء محكمة لمحاكمة جميع المسؤولين عن الهجوم الذي وقع في 14 شباط/فبراير 2005.
ونصّت عليه كذلك صراحة الولاية التي أسندها مجلس الأمن إلى الأمين العام في القرار 1664 (2006) لإجراء مفاوضات مع الحكومة اللبنانية لإبرام اتفاق يرمي إلى إنشاء محكمة ذات طابع دولي.
واتفقت الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية على أن يكون تكوين المحكمة مختلطاً، ويشارك فيها قضاة لبنانيون ودوليون ومدعي عام دولي، وتستند معايير العدالة في المحكمة، بما في ذلك مبادئ مراعاة الأصول القانونية إلى أعلى المعايير الدولية للعدالة الجنائية على النحو المُطبَّق في المحاكم الدولية الأخرى.
آلية التمويل المختلطة:
تُغطى نسبة 51% من تكاليف المحكمة الخاصة من التبرعات التي ترد من الدول، في حين تموّل حكومة الجمهورية اللبنانية نسبة 49% منها.
جدل تمويل المحكمة الدولية الخاصة في لبنان
إن مسألة تمويل المحكمة أصبح جدل الأحزاب اللبنانية الحالية إذ إن المستحقات المالية التي تدفع للمحكمة سنوياً هي آلية مختلطة 51% منها تدفع من التبرعات التي تأتي من الدول للبنان و49% تدفعها الحكومة اللبنانية.
فالمستحقات المالية المترتبة على الحكومة اللبنانية لسنة 2011 لم تدفع (إلا في 30/11/2011).
وبذلك انقسم الشارع اللبناني إلى مؤيد للتمويل ومنهم:
نواب 14 آذار بالإجماع؛ (لأن مسألة تمويل المحكمة تؤيد استمرارها وبقاءها، كما إن مشروع المحكمة وهدفها هو ليس لمعرفة وكشف اغتيال الحريري، وإنما ضد توجهات الأكثرية الحاكمة (ائتلاف 8 آذار) في لبنان، ومن ثم تعد حجر عثرة ضد تقدم الحكومة).
وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي (وتأييده نابع من موقفه المتهاوي مع الأوساط السياسية، كما إن تمسكه بموضوع تمويل المحكمة يعده سلاحاً لمواجهة الأطراف السياسية الموافقة على مسوّدة قانون التمثيل النسبي التي عرضها وزير الداخلية والبلديات مروان شربل لانتخابات 2013).
نجيب ميقاتي رئيس الوزراء اللبناني (موقفه بوصفه رئيس وزراء لبنان كما عُرِف بالحيادية والحكمة في قراره ولوحظ تأييده لتمويل المحكمة هو لتخوّفه من فرض عقوبات اقتصادية بسبب عدم التزام لبنان بدفع المستحقات المالية المفروضة عليها).
رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان (موقفه المؤيد لتمويل المحكمة هو للحفاظ على استقلالية لبنان، وتخوّفه من فرض عقوبات اقتصادية، أو تدخل عسكري في حال عدم تمويل المحكمة).
أما الأطراف السياسية الرافضة لتمويل المحكمة :
حزب الله (حزب الله يمثل بتحالفه الأكثرية الحاكمة في لبنان يأتي رفضه ليس فقط لمسألة التمويل، وإنما لتشكيل المحكمة ككل "إذ إن المحكمة تشكلت في حكومة فؤاد السنيورة، ومن دون موافقة أعضاء مجلس النواب" أي إنها غير شرعية)، كما إن موقف السيد حسن نصرالله الرافض للتمويل، هو لأن التمويل سوف يؤدي إلى أزمة داخلية لبنانية بين مواقف الأوساط السياسية.
ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر (يرفض التمويل معتبراً أن التزام لبنان بهذا التمويل غير شرعي وغير قانوني).
إلا أنه في يوم الأربعاء الموافق 30/11/2011 أعلن ميقاتي تحويل حصة لبنان في تمويل المحكمة الدولية.. جاء هذا الإعلان في كلمة ألقاها في السراي الحكومية، وفيها: "إن إصراري على تمويل حصة لبنان في المحكمة الدولية هو من حرصي على حماية لبنان، وأنه لا يجوز التغاضي عن موضوع اغتيال رئيس حكومة من لبنان "الرئيس الشهيد رفيق الحريري"، وإحقاق الحق والعدالة، وأيضاً التزامي أن لا أكون رئيساً لمجلس الوزراء يُخِل بالتزاماته، ولهذه الأسباب قمت بتحويل حصة لبنان من تمويل المحكمة، وهذا قرار وطني يحفظ لبنان، ولا يعرّضه لأي تداعيات".
وأكد ميقاتي أن قراره ليس انتصاراً لفريق على فريق آخر، وأضاف: "إنه قرار ليس انتقاصاً من أية مؤسسة لبنانية على الإطلاق بل مكسباً للدولة اللبنانية"، مشدداً على "التزامه والسعي الجاد لتحقيق العدالة، والتمسك بضرورة متابعة عمل المحكمة".
وختم ميقاتي كلمته بالدعوة إلى العودة فوراً إلى طاولة الحوار الوطني برئاسة الرئيس سليمان؛ لأنه يبقى السبيل الأفضل لإيجاد مساحة مشتركة بين اللبنانيين".
وكان مصير حكومة نجيب ميقاتي متوقفاً على الموقف الذي سيتخذه مجلس الوزراء من بند تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، خصوصاً أن ميقاتي كان قد أكد في وقت سابق استقالته من الحكومة في حال قرّر مجلس الوزراء عدم تمويل المحكمة في ظل إصرار تكتل "التغيير والإصلاح" و"حزب الله" على رفض ذلك؛ وبذلك حلّ مسألة التمويل.

بلادي اليوم / علي يوسف *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق