الثلاثاء، 29 يناير 2013

العراقيون اقوى من الفتن


ابهر العراقيون العالم حين تمكنوا وبزمن وجيز من دحر فتنة الاعوام الثلاثة (2005، 2006، 2007) وطي صفحتها المظلمة بعد ان خُيل للبعض انها فتنة او حرب اهلية لن تتوقف قبل عقد او عقدين او اكثر شانها شان الحروب الداخلية الغابرة والحديثة التي شهدها الكثير من بلدان العالم المبتلاة بالتعددية بعد ان تاخذ من الناس ماخذها وتتركهم بلا حول ولا قوة.
هذا له ثلاث دلالات:
الاولى: ان ما كان يحدث ليس من اصل عراقي محلي بل هو مستورد بامتياز والدليل ان رموزه والمتاجرين به لم يكونوا عراقيين وايضا سرعة انهيار معسكرهم لصالح الجبهات العراقية المتآلفة.
الثانية: ان العراقيين قادرين على حل خلافاتهم دون الاستعانة باطراف خارجية، وهذا بدوره يشير الى حجم الوعي والثقافة التي يحملها العراقيون مقارنة بغيرهم.
الثالثة: ان الفوضى والاحداث المروعة لم تكن تمثل انعكاسا حقيقيا لرغبة العراقيين، والدليل رغبتهم الملحة (التي ترجموها بشكل عاجل) في التقارب وتحقيق الاستقرار والمضي بالعملية السياسية نحو الامام.
هذا مع ان التحدي كان صعبا جدا بسبب البون الشاسع بين المعسكرين (الاطراف السياسية وقواعدها الشعبية) من جهة، وكثرة الدماء التي اريقت والخراب الذي عم البلاد من جهة اخرى.
كما ان الارهاب في العراق بعد 2003 اكتسب قوة هائلة ليس لها نظير في العالم بعد اتحاده باجهزة الدولة المنحلة المتمرسة بصنوف التخريب والايذاء، هذا فضلا عن الدعم المادي الكبير والماكنة الاعلامية النافذة.
ما مضى يشير الى حقيقة دامغة مفادها: ان ما يحصل وسيحصل لن يعجز العراقيين استيعابه والتعاطي معه، وان الاحداث الراهنة لا تعدو ان تكون مخاضا وطنيا لولادة جديدة تدعم العملية الديمقراطية وتلفظ التطرف والارهاب بشكل نهائي.
لكن ذلك لا يعني ترك الامور لتاخذ مجراها والرسو على الرصيف الذي ترميها الامواج اليه، بل يجب العمل على تهيأة مرسى صالح يحتضن مركب العراق ويضعه في مكان الاستقرار الكامل.
كذلك فان التجربة السابقة وما يحدث اليوم يضع السياسيين امام قراءة واحدة لا ثاني لها وهي: ان لا يتعاملوا مع الجماهير بذات الطريقة التي تعامل بها الارهاب معهم حين همشهم ونصب نفسه قاضيا وجلادا بالنيابة عنهم، والا فان العراقيين الذين انتفضوا بوجه الارهاب وابعدوه خارج المعادلة لن يتوانوا عن ابعاد غيرهم..وهذه المرة قد يكون الابعاد نفيا نهائيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق