الأربعاء، 13 فبراير 2013

مونامور الغاز


يتهمنا الكثير من الناس (وخاصة المسؤولين) بالتشاؤم والسلبية واحتراف الانتقاد في كتاباتنا بحق او باطل .
اي ان المنظار الذي نشاهد به الصورة في بلادنا يحوي عدسة واحدة سوداء لا ترى غير النقص والتقصير والمثالب.
هذا الادعاء صائب الى حد ما لكن مهنة الصحافة تقتضي تشخيص مواطن الخلل اينما كانت وتوجيه انظار المسؤولين اليها لتتحقق فائدة للناس والمسؤول في الوقت نفسه.. والاّ لماذا سميت بالسلطة الرابعة ؟
كما ان واقعنا فيه من السلبيات ما يصعب حصره وتحديده وهذا يستدعي الوقوف عنده ومناقشته، ثم ماذا نفعل ان كانت اوضاعنا هكذا ؟
ولا يصح ايضا ان نكتب عن خير وتقدم ورفاه وواقعنا يشير الى غير ذلك والاّ تحولت كتاباتنا الى مجاملات فارغة لا تخدم احدا، وهي بهذه الصفة تليق بالصحافة في البلدان التي تحكمها الانظمة الدكتاتورية اكثر من نظامنا الديمقراطي..
ومع ذلك يتوجب ان لا ننسى الزوايا الايجابية (مهما كانت محدودة) لنشجعها ونشجع الاخرين على الاقتداء بها كي لا يتقاعس الخيرون عن اداء واجباتهم باتقان اذا اصبح الاخضر بسعر اليابس.
كما ان (كتّاب الحكومة) لا يقصرون في رصد النقاط البيضاء وسط اللوحة السوداء لينسجوا عليها مقالاتهم فتتحول الى انجازات عظيمة .
ما الضير اذن ان يكتب كل فريق بما يمليه عليه واجبه وضميره ؟..على ان غالبية الكتّاب لا يتركون فسحة ايجابية الا حاولوا الولوج اليها لادخال السعادة والامل الى نفوس المواطنين .
ما تقدم كان اطار الموضوع أما جوهره (اي سبب المقال) فهو (والايجابيات تتحدث عن نفسها بنفسها) يتعلق بممارسة جميلة وباسلوب راق.
لا تستغرب عزيزي القارئ..نعم لا تستغرب حين تصحو على انغام موسيقى هادئة في الصباح الباكر..اخرج لترى..ستجد ان تلك الموسيقى هي نداء باعة الغاز الجوالين لبيع بضاعتهم !
الفكرة كانت لمجلس محافظة بغداد (وحسب علمي تطبق في عموم العراق).. واللطيف في الموضوع ان الاختيار وقع على المقطوعة الشهيرة لـ(مونامور)..وهو ما يحمينا من اجتهادات الباعة لو كانت الخيارات مفتوحة امامهم فيضع كل منهم ما يعتقد انها موسيقى مناسبة..كذلك فهي ستميزهم بسهولة وتفتح الطريق لانغام اخرى ولباعة بضائع جوالين في تجارات مختلفة.. وما اكثرها.
المبادرة جميلة واختيار مجال تطبيقها رائع خاصة انها انتقلت بنا من حال الى حال..فشتان بين المنبهات المزعجة والاصوات الصاخبة التي تزورنا باكرا وبين (مونامور) المهدئة.
مقالات للكاتب كريم ابو طوق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق