الأحد، 17 فبراير 2013

الواقع السياسي في العراق بين الرؤية بالعين المجردة والرؤية بالمجهر


محمود الربيعي
لاشك أن الملعب الذي تدور فيه الأحداث داخل العراق يرتبط بشدة بإرادة المنظومة العالمية والعربية وبالداخل، وهذه اللعبة كانت وماتزال تتمثل بالنشاط الإستعماري الذي حل بالعالم منذ بداية القرن العشرين والذي رسم خطوطه في منطقة الشرق الاوسط كدول الشام والعراق واليمن ودول الخليج من جهة، والدول المجاورة لها كايران وتركيا من جهة ثانية، وكذلك فإن الأمر لايختلف كثيراً عما حدث بالنسبة الى الدول الافريقية كمصر وتونس وليبيا والمغرب، ودول شرق آسيا كالهند والباكستان وافغانستان، ودول البلقان، ودول الاتحاد السوفيتي وبقية دول العالم.
وبالتأكيد فإن هناك الكثير من العوامل التي تدفع الدول الكبرى للسيطرة على الدول الصغيرة أو الضعيفة كتوفير السياج الأمني الاقتصادي والعسكري لها وفق مخطط مدروس تدعمه الآلة الصناعية وعوامل الإنتاج والتطور التكنولوجي المدعوم بما لامجال للصمود أمامه لما يمتلكه من مقومات القوة والقدرة الفائقتين مهما حاولت الشعوب الضعيفة مواجهته والوقوف أمامه وقد أدى ذلك الى الخضوع التام أو المقاومة على حساب الأرواح والممتلكات وحالات الفقر والقهر.ولقد مرّ العراق بفترات عصيبة منذ الإستعمار العسكري والإقتصادي والثقافي كما مر بفترات من الإنقلابات المتوالية كان من ضمنها سقوط الحكم الملكي ومن ثم الأنظمة الجمهورية التي شهدت حالات دموية وتصفيات وتدخلات غربية وشرقية، وعربية وغير عربية من دول ذات إرتباط وثيق بالمصالح الأجنبية كان من نتائجها اضمحلال القيم الدينية والوطنية والثقافية والإجتماعية التي تعرض لها المجتمع العراقي متأثراً بالنزاعات الداخلية تارة بين العرب والأكراد أو بين الأحزاب الدينية والأحزاب العلمانية، وبين الأحزاب القومية والإشتراكية إضافة الى النزاعات الخارجية مع دول مجاورة كسوريا وإيران والكويت.وأما بعد التغيير الذي أطاح بنظام صدام فقد جاء بدولة رسم لها المحتل خريطة تقوم على أساس العرق والمذهب إستمدت مقوماتها من عناصر في الغالب كانت تعيش في الخارج وفي بلاد المهجر، صاحبها تهميش حاد لعناصر الداخل والتي كانت قد واجهت النظام المستبد وأغلبهم من أصجاب الكفاءات والنضال وقد قضت حياتها تعيش في ظل قهر حكم صدام الطائفي العنصري الذي مهد لعهد يقوم على أساس البدائل والشراكة الفاسدة التي تقمص من خلالها جمهور من الطامعين والمرتدين عن أخلاقية الفكر الجهادي المخلص والقائم على أساس التضحية والإيثار والذي كان يعمل من أجل نيل الحرية والسعي الى تطبيق العدالة، حيث انتهت الحالة وللأسف الشديد لصراعات حزبية وكتل كما يراها الشارع العراقي، ويلمسها الرواد الذين ضحوا بوضوح وكانوا قد زجوا من قبل في السجون والمعتقلات وتسلمت ثلة ثلة من الهاربين والعائدين الى الوطن زمام الأمور ووزعوا بينهم مالايملكون، وهم لايملكون إلا ماملكهم المحتل، وبين هؤلاء وهؤلاء من المهاجرين قلة من المخلصين يواجهون اليوم المواقف الصعبة متحلين بالصبر على مايضمر لهم الأقربون مثلما يضمر له الأعداء وفي ذلك شرخ للأخوة التي تعاهدوا عليها بعد أن أصبح الخطر مهدداً الجميع ولن تنفعنا إلاّ الوحدة.
http://www.beladitoday.com/?iraq=الواقع-السياسي-في-العراق-بين-الرؤية-بالعين-المجردة-والرؤية-بالمجهر&aa=news&id22=2509

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق