الاثنين، 4 فبراير 2013

تحديد الرئاسات وتحديد النسل !


أخيراً صوّت مجلس النواب العراقي على قانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاث (الجمهورية والبرلمان ومجلس الوزراء) بعد شد وجذب استمر أشهراً عدة شغل الساحة السياسية والإعلامية وبرغم كل الملاحظات والاعتراضات القانونية والسياسية عليه، إلا ان النواب لم يبالوا بكل تلك الاعتراضات والملاحظات واستطاعوا جمع العدد الكافي للتصويت على القانون بل زادوا عليه بتطبيقه بأثر رجعي ! وباختصار كان "تحديد الرئاسات" كلمة حق يراد بها باطل.
شخصياً أؤيد تحديد الرئاسات الثلاث شرط عدم مخالفة القانون والدستور، لاعتبارات عدة أهمها الخوف والقلق من التفرّد بمنصب معين كون التجربة الدكتاتورية المريرة التي لم تكمل عقدها الثالث، ولان علماء السايكولوجيا اثبتوا بأن الشخص الذي يبقى في المنصب نفسه طيلة ثماني سنوات لا يمكن ان يقدّم جديداً .
اذا كان النواب ابدوا خشيتهم من عودة الدكتاتورية والتفرّد بالمناصب فقاموا بسن قانون مخالف للكثير من الشروط القانونية والدستورية، يجدر بهم ان يبدوا خشيتهم من الترهل السكاني المقبل على العراق كما تشير الأرقام والاحصائيات المتواترة من مصادر عدة.
فأحدث تقرير يشير الى ان العام 2050 سيكون عام الانفجار السكاني، حيث سيبلغ سكان العالم تسعة مليارات نسمة، وان قارة آسيا (قارتنا) سيكون نصيبها الأكبر من الزيادة السكانية هذه، فيما تنذر الاحصائيات ومن مصادر عدة أيضا (حتى لا يقال انها مصادر مؤامراتية !) ان عدد سكان العراق سيصبح 40 مليون نسمة خلال العام 2025 أي بعد 12 عاما وان العدد سيقفز ليصبح 50 مليون نسمة خلال العام 2050 أي عام الانفجار السكاني الذي أوردته تقارير دولية مؤخرا، في حين ان الجهات الرسمية العراقية قالت بملء الفم ان كل 40 ثانية تشهد حالة ولادة !!.
تخيلوا اننا 34 مليون نسمة (بحسب وزارة التخطيط) الآن وعندنا ما يقارب المليوني عاطل عن العمل (حسب وزارة العمل) وسبعة ملايين تحت خط الفقر (حسب وكيل وزارة التخطيط) في مقابل ميزانية هي الأكبر في الشرق الأوسط بعد ميزانية الجارة السعودية والبالغة 100 مليار دولار في ظل تزايد الطلب العالمي على النفط خلال المدة الحالية، في وقت قابل السيد فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية هذه الزيادة على الطلب على النفط بانه حان الوقت للتفكير في مرحلة ما بعد النفط !! وأتمنى ان يقف المسؤول العراقي دقيقة صمت أمام دعوة هولاند هذه، لان 96 % من واردات العراق تعتمد على النفط !.
ترى ماذا سنفعل اذا استيقظنا صباح أحد الأيام و وجدنا ان النفط أصبح حاله حال التراب بل ويُطلب منا دفع ضريبة لوجود النفط في أراضينا ! ونفوسنا 40 مليون نسمة. ترى ماذا سيفعل صانع القرار وراسم الستراتيجيات (اذا كان عندنا صُناع قرار ورسامو ستراتيجيات) في هذه الحالة وهو يعجز عن توظيف مليوني عاطل وتخفيف نسبة الفقر برغم الخطط العشرية والخمسية والمئوية ..! ثم ماذا عن المياه ! ونحن نتفاجأ بتقارير تحذّر من جفاف النهرين في ظل استمرار قرصنة مياهنا من قبل الجيران والأعداء والأصدقاء على حد سواء !.
اذا كان نوري المالكي وهو اليوم في هذه الحالة التي لا يحسد عليها أثار الرعب والخشية في قلوب النواب، فقطعوا الطريق أمامه بقانون خالف القانون ! لمنعه من الترشح ثالثة للمنصب نفسه، أفلا يجدر بهم ان يقطعوا الطريق أمام هذا الترهل السكاني وتلك الاحتمالات الخطيرة المقبلة علينا ؟.
ألا يجدر بالنواب اليوم ان يشرّعوا قانوناً يحدد وينظم النسل بعد انتشار ظاهرة الزواج المبكر وكثرة الانجاب وهي سياسة صحية وحضارية ودينية لمن يشكك بمخالفتها للشريعة ؟ ويجنبونا على الأقل بعض تلك السيناريوهات المخيفة والتي هي أشد من الدكتاتورية.
سنمضي في حملتنا بمناهضة الزواج المبكر وتحديد النسل، خصوصا ان تحديد الرئاسات فتح شهيتنا وشجعنا أكثر في امكانية تحديد النسل قانونياً !!.
مقالات للكاتب محمد شفيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق