يتهافت المدخنون هذه الأيام على اقتناء واستخدام (السيجارة الإلكترونية) أو (نركيلة الجيب) بأشكالها وألوانها المختلفة والنكهات المتعددة المخبأة في ذخيرتها (نعناع، تفاح، كاكاو، ليمون...).
الأمر ليس غريباً وكان انتظار حصوله معقولاً كونه يتماشى مع (الكترنت كل شيء اذا صح التعبير) الذي حوّل الأحلام العلمية الى حقيقة نتلمّسها على مدار ثواني العمر السريع.
كثرة الطلب على (السيجارة الإلكترونية) دفع أصحاب التجارات المتنوعة الى توفيرها بشكل لافت وبماركات دولية عديدة وأسعار تتراوح ما بين الأربعين ألف دينار والمئة وأربعين ألف دينار (ولا أعلم ان كانت هناك أسعار تنخفض أو ترتفع عن المعدل الذي ذكرته)، وهي نفس الظاهرة الملفتة التي شهدناها سابقاً مع أجهزة الموبايل وكارتات الشحن المسبق.
ما زاد الاقبال شدة هو الدعاية المرافقة لبيعها من انها خالية من أية مواد ضارة بالصحة، كما يمكن استخدامها في الفضاءات المغلقة بخلاف السيجارة العادية سيئة الصيت، وهذا ما يوفّر فرصة ثمينة للمدخنين في الإفلات من التضييق الشعبي والرسمي عليهم.
الأمور جيدة اذن.. تدخين (ايجابي، صحي) يبعد شبح الأمراض المرتبطة به منذ نشوئه ولا يثير الجمهور أو الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
هذه السمعة الطيبة دفعت أيضا غير المدخنين الى دخول عالم السجائر ولكن من بابها الإلكتروني، وربما لن نلبث طويلاً حتى نراها في يد وجيب كل الشباب وربما الأطفال والنساء والمسنين أيضا.. ليتحوّل الاختراع العلمي الهادف الى محاربة التدخين والحد من جماهيره المتزايدة الى أداة نشر قوية تفوق سرعتها سرعة دخانها الخفيف اللطيف.
أنا كأحد المدخنين بدأت أفكر جدياً في اقتناء (سيجارة الكترونية) والاستعاضة تدريجياً عن السيجارة العادية بما ينتهي إلى الإقلاع النهائي عن هذا الكابوس المقلق.
ولكن الأمور (وكما هي العادة للأسف) لا تسير على وفق ما هو مخطط، فقد بدأت التحذيرات من الآن حول وجود أضرار صحية (وان كانت بدرجة أقل) للتدخين الإلكتروني.
كما ان الشركات الكبرى المنتجة للسجائر العادية لن تقف مكتوفة الأيدي وستجمع ما يكفي من الأدلة لاثبات ان غريم منتجها الجديد لا يقل خطورة عن منتجهم.
أخشى ما أخشاه ان يتحوّل جمهور (السيجارة الإلكترونية) السابقون واللاحقون إلى الادمان المزدوج على كلا النوعين (الالكتروني والعادي) فنصبح بمشكلتين بعد ان كنا بواحدة.. عندها ستنتفع شركات كلا الفريقين ويخسر الناس خسارتين، في الصحة ومثلها في النقود.
مقالات للكاتب كريم ابو طوق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق