الأحد، 3 فبراير 2013

العدالة الانتقالية


نشرت صحيفة «الوسط» البحرينية في عددها السبت (2 فبراير/ شباط 2013) ملفاً خاصاً عن حالات الوفاة التي وثقها تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق برئاسة البروفيسور محمود شريف بسيوني، والتي بلغت حتى وقت فترة التحقيق 30 حالة وفاة غير طبيعية منها 28 حالة لمواطنين بحرينيين.
الملف الذي نشرته «الوسط» أوضح أن «20 حالة وفاة غير طبيعية لم تحل إلى المحاكم بعد» والحديث هنا فقط عن حالات الوفاة التي حدثت قبل إصدار تقرير بسيوني الذي صدر في 23 نوفمبر 2011 علماً بأن هناك حالات وفاة عديدة حصلت بعد إصدار التقرير بينها حالات طلق ناري.
من الحالات التي وثقها بسيوني في تقريره والتي لم تتم إحالتها إلى المحاكم حالات وفاة في السجون، مثل حسن مكي الذي أرجع بسيوني سبب وفاته إلى التعذيب في سجن الحوض الجاف.
وكذلك من بين حالات الوفاة التي لم تحل إلى المحاكم حالات وفاة بطلق ناري بعضها في الرأس مثل عبدالرضا بوحميد، وبهية العرادي، وبعضها في الصدر والظهر مثل جعفر معيوف، ومحمود أبوتاكي، وعلي خضير، وآخرين، ومن بين من لم تحل قضاياهم للمحاكم أيضاً حالات تم العثور على جثث أصحابها مرمية بحالة بشعة، مثل عبدالرسول الحجيري، وكذلك السيدحميد محفوظ الذي وثق بسيوني العثور على جثته في كيس بلاستيكي مع وجود أدلة على اختناقه بعملية قتل غير مشروعة، وغيرها من الحالات الأخرى.
كل تلك الحالات وأكثر مازالت تنتظر دخول أروقة المحاكم بعد قرابة العامين من بدء الأزمة وأحداث 14 فبراير 2011.
من دون شك فإن عدم إحالة أكثر من عشرين حالة وفاة إلى القضاء لا يتناسب مع توصية بسيوني في الفقرة (1716) من تقريره والتي نصت على «وضع آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين، وذلك بقصد اتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية ضد هؤلاء الأشخاص بمن فيهم ذوو المناصب القيادية، مدنيين كانوا أم عسكريين، الذين يثبت انطباق مبدأ «مسؤولية القيادة» عليهم وفقاً للمعايير الدولية».
كما لا يتناسب هذا التأخير مع توصيته أيضاً في الفقرة (1722) والتي نصت على «القيام بتحقيقات فاعلة وفقاً لمبادئ الردع الفعال والتحقيق في جميع حالات القتل المنسوبة لقوات الأمن الذي يقع خارج إطار القانون أو بشكل تعسفي أو دون محاكمة. وكذلك، التحقيق في جميع دعاوى التعذيب والمعاملة المشابهة من قبل هيئة مستقلة ومحايدة وفقاً لمبادئ اسطنبول. ويجب أن يفضي التحقيق في الانتهاكات المزعومة إلى محاكمة الأشخاص المتورطين، بطريقة مباشرة وعلى كل مستويات المسؤولية، مع ضرورة ضمان اتساق العقوبة مع خطورة الجرم».
إن ملف مساءلة المسؤولين عن انتهاكات الأحداث، جزء أساس من حل الأزمة العالقة في البحرين، ولم تفلح أية مساعٍ في دولة مرت بما مرت به البحرين من دون تفعيل العدالة الانتقالية، لذلك أولى تقرير بسيوني اهتماماً كبيراً بهذا الجانب من خلال توصيات عدة.
ومع الحديث عن حوار مقبل فإن ما يجب التأكيد عليه أن توصيات بسيوني لا تحتاج أن تكون على طاولة الحوار، وإن تنفيذها لا يحتاج إلى مفاوضات لأنها تتعلق باتفاقيات وعهود دولية منبثقة عن القانون الدولي، وإذا كنا نحتاج إلى حوار لتطبيق القانون فإننا سنحتاج وقتاً طويلاً للخروج من هذا النفق.
مقالات للكاتب عقيل ميرزا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق