السبت، 9 فبراير 2013

العامل الإقليمي في الأزمة السياسية الحالية


يبدو ان العامل الاقليمي في المنطقة العربية دخل على خط الازمة السياسية في البلاد ويحاول بشكل او بآخر ايجاد موطئ قدم له وسط التباينات الكثيرة الموجودة على الساحة العراقية كما ادركت بعض الدول العربية وتحديدا الخليجية منها، عواطف الناس التي تحركهم من قبيل الضرب على الوتر الطائفي والانتماء العرقي وفقدان الحقوق ومصادرتها من قبل مكون على مكون اخر وهذا بحد ذاته منافي لكل القيم والأخلاق الانسانية ولغة حسن الجوار والشيمة العربية التي يجب ان يتغنى بها من يحملها فلا يمكن ان من يحمل تلك القيم يعمل جاهدا على زرع الفرقة ودق اسفين الطائفية في النسيج الاجتماعي بين مكونات البلد وهذا يقود الى تدمير المجتمع وتفتيته
وقد يكون المشهد واضحا ان تلك الدول تريد تمزيق العراق فالأجندة التي تمارسها دولتان خليجيتان اضافة الى الدولة التركية تتقارب كثيرا من الهدف المرسوم لديهم وهو الايقاع بهذا البلد وشل كل العملية السياسية بعودتها الى المربع الاول وهذا المخطط لا يخلو من ترتيب وتنسيق مسبّق بينهم على عودة العراق الى ما قبل العام 2003 لكونه يشكل خطورة عليهم من الناحية السياسية والاقتصادية أي انها حرب قذرة على كل الاتجاهات تقوم على تحطيم بنية المجتمع العراقي وتمزيق نسيجه الاجتماعي من اجل السيطرة على مكونات معينة بذاتها.
هذا العامل الاقليمي اليوم يمتد على الرقعة الجغرافية الممتدة من العراق وصولا الى لبنان أي ان القوس المحصور من العراق الى سوريا ثم الى لبنان هو الهدف الرئيس على اجندة دول مثل السعودية وقطر وتركيا واعتقد ان المدار الاقليمي لا يخرج عن تلك الدول الثلاث وان كان قد يتعداها الى دول عربية اخرى تحاول ان تفرض اجندتها الطائفية البغيضة ، لذلك نلاحظ ان التصريحات التركية التي تتسم بالتعالي والاستهزاء من دولة العراق وبالذات الحكومة العراقية ينم عن ان الاعداد لمخططهم الاقليمي ليس له حدود بتدخلهم في هذا الشأن او ذاك وانما يريدون للعراق ان يكون الحديقة الخلفية لجحافل التنظيمات المسلحة المتواجدة اليوم على الاراضي السورية والتي تحدث عنها الاعلام بأنها تتلقى الدعم اللوجستي والمادي والتسليح من قبل دول ومنظمات عربية دينية اصولية ويتم تسهيل الممرات الجغرافية لهم عبر الاراضي التركية وهذا باعتراف الاعلام العالمي وكذلك اعلامهم العربي بل ان المعارضة التركية كثيرا ما تحدثت عن ذلك والقت اللوم على حكومة انقرة بسبب تدخلها غير المسؤول في الشأن السوري والعراقي كونه يجر المنطقة الى ويلات لا يمكن وقفها ان امتدت عبر جغرافيتها بل ستحرق الدولة التركية اولا قبل غيرهم وهو الامر الذي يتخوف منه الحزب القومي التركي المعارض لسياسات حكومة اردوكان وتخوفهم هذا ينطلق من الوجود الكردي المسلح في ديار بكر التركية والذي سيكون قويا جدا فيما لو تم تمزيق المنطقة التي تضم الامتداد الكردي من سوريا الى تركيا وصولا الى العراق.
من خلال هذا الواقع يتضح ان التنظيمات السلفية المتطرفة المدعومة من دول خليجية وبعض الجمعيات الاصولية تريد ان تكون صاحبة التأثير الاول في الواقع السياسي والقرارات المصيرية التي تتعلق بالمنطقة برمتها وذلك بعد ازاحة النظام السوري من سدة الحكم .
ويبدو ان التصريحات التي اطلقتها دول مجاورة واقليمية وكذلك بعض السياسيين في تلك الدول ورجال دين فيما يخص الازمة الحالية في العراق تتجه نحو ترسيخ النفس الطائفي وتعمل على التخريب لا التقريب بين مكونات مجتمع العراق وهذا يعد تدخلا فجا في الشأن العراقي الداخلي خصوصا اذا كانت دولهم ذاتها تعيش موجة من الخلافات الفئوية والسياسية ونراهم يصرخون ليل نهار يطالبون بحقوق مكون من مكونات العراق وكأن تلك الحقوق مغتصبة أو أنهم مواطنون من الدرجة الثانية في حين انهم يشاركون في هذا البلد وفي اعلى مراكز قوة القرار وفي جميع وزارات الدولة ، ولكننا في المقابل لم نسمع لهم حسيسا يوم كان اغلبية الشعب العراقي زمن نظام البعث يعيش طبقات ووطنية من النوع الدوني!!!
أنا كلي أمل بأبناء العراق كافة وعلى مختلف قومياتهم ودياناتهم وطوائفهم ان يقفوا بوجه تلك المخططات المشبوهة التي تريد ان تحوّل كيانهم الاجتماعي الى فئات متناحرة سياسيا وعقائديا ما يؤدي في النهاية الى تمزيق قوتهم الحقيقية أمام دول العالم.
مقالات للكاتب جواد كاظم الخالصي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق