السبت، 16 فبراير 2013

بين شرعية الإنتخاب وشرعية الأداء السياسي


عصام الطائي
في برنامج ماذا بعد على قناة المنار كان من جملة زوايا البرنامج التحدث عن رأي الشارع المصري اتجاه المعارضة والسلطة الحاكمة الحالية فكان جواب الاغلب هو وجود شعور مشترك وهو تحرك قوى المعارضة بشتى تشكيلاتها الحزبية نحو مصالحها الشخصية اكثر مما تتحرك نحو خدمة الصالح العام وهذه القضية تنطبق على كثير من التحركات في دول الربيع العربي وغيرها من البلدان التي حدث فيها التغيير كما في العراق وهو تغليب المصالح الشخصية على المصالح العامة والضعف في الاداء من قبل السلطة او المعارضة وهذا الخلل لم يكن على مستوى الاطار الاسلامي فحسب بل حتى على مستوى الكنيسة التي جعلت من بابا الفاتيكان يستقيل من منصبه لشعوره بان هناك ضعف في الاخلاص التام اتجاه الكنسية وتغليب المصالح الشخصية على مصالح الكنيسة وبالتالي انعكاسها على الدين المسيحي نفسه وهكذا يمكن توسيع هذه الدائرة لفئات كثيرة في المجتمع وهذه مشكلة انسانية تحتاج لكل متصدي من الرصيد الايماني والاخلاقي كي يتسامى عن كل منصب وعن أي مكتسبات ذاتية مقابل المبادى والقيم والمثل . وفي نفس البرنامج كان التمييز الرائع من احد مستشاري الرئيس المصري محمد مرسي بتميزه بين الشرعية التي يمكن ان يحصل عليها أي حزب سياسي من خلال صناديق الانتخابات وهذه غير كافية ما لم يتحول ذلك الفوز الى طابع عملي من خلال حسن الاداء والا الضعف في الاداء السياسي تجعل لا قيمة لاي فوز من قبل أي جهة سياسية فلا بد ان يتجسد أي مكسب سياسي الى برنامج عمل بحيث يحدث تطور وتقدم وازدهار لاي بلد وذلك لا يتم الا من خلال حسن الاداء وان الملاحظ ان اغلب من فاز بالانتخابات كما في مصر وتونس والعراق وغيرها من البلدان يتعرضون الى ضغوط هائلة لكثرة الاجندات الحزبية الداخلية من قبل الاحزاب المعارضة والاجندة الخارجية بل قد تصل حتى من قبل الجهة السياسية التي ينتمي اليها أي صاحب سلطة تنفيذية . وان هناك ضغوط هائلة يمكن ان يتعرض لها أي صاحب مبدأ واي صاحب استقامة في الحياة ومن الضغوط التي يتعرض لها هي من قبل من له صفة التمرد التي قد تتقاطع اجندته مع صاحب المبدأ وكذلك الضغوط من قبل الانتهازي ممن يحمل صفة النفاق والمتمثل بالنفاق العقائدي او السياسي او الاجتماعي والذي يحصل توافق غالبا بينه وبين من يمتاز خطابه بالطابع الطائفي او القومي او العشائري المتشدد او قد يخضع لضغوط قوى النفس بما تحمل من اهواء وميول ورغبات فيستيجب لمغريات السلطة والمال فينشد اليها من حيث يشعر او لا يشعر وينسى او يتناسى العظماء في التاريخ الذين كانوا يتساموا عن أي مغريات او قد يتعرض لضغوط من قبل الشيطان الذي يجعله يعجب بأراءه ويتصورها انها تمام الحقيقة او يتعرض لضغوط ممن يتفق معه في المبادى العامة والتي يتفق عليها الا ان السذاجة السياسية والاعجاب بالنفس تجعل البعض يوجه ضغوطه اتجاه الغير فيسبب ارباك للساحة السياسية من حيث يشعرون او لا يشعرون . وان الذين امتلكوا صفة العظمة عبر التاريخ قد اكتسبوا صفة العظمة من خلال التضحية والتواضع والمحبة للاخرين فقد نجد هناك شخصيات علمية تحمل القاب عظيمة راقية بحقل الطب او الهندسة او أي مجال اخر فهي تملك صفة التضحية والتواضع والمحبة وهي من السمة البارزة لشخصيتهم فان افضل دكتور في العالم في هذا المجال او ذاك له صفة التواضع والمحبة والتضحية فيندهش الناس من شدة تضحيته ومحبته وتواضعه وقد تجد في المقابل هناك سياسي ما سواء أكان ممن يمثل السلطة او المعارضة لا يحمل أي صفة من هذه الصفات بل تجد على العكس من تحركه الذاتية والاستجابة لمغريات الدنيا لذلك فان أي شخصية سياسية متصدية سواء اكانت على مستوى السلطة او المعارضة لا تحمل صفة التضخية والمحبة والتواضع وغيرها من الصفات الانسانية الرفيعة تبقى شخصيات تعيش الفقر المعنوي فتكون ضعيفة في اداء أي مهمة لان الذي لا يحمل صفة التصحية والمحبة والتواضع وغيرها من صفات الكمال لا يمكن ان يبدع ويحقق الاهداف وهذه الصفات الاخلاقية المفقودة تجعل الناس تكتشف أي شخصية على حقيقتها من خلال الحدس الجماهيري. وقد يتساءل البعض لماذا يجعل الناس تتذكر العظماء عبر التاريخ حتى مع وجود بعض الاخطاء والتجاوزات من قبل البعض منهم ؟ والجواب ذلك لان الناس تنسى كل خطأ مقابل التضحية والمحبة والتواضع الذي يحملها الانسان العظيم فهذا عبد الكريم قاسم تجد الكثير من الناس يعيش في قلوبها بالرغم كون البعض منهم لم يعش تلك الفترة مع عبد الكريم قاسم ويقول احد المصلحين ( ان التكتلات في بلاد المشرق دواء وتتحول بمرور الايام الى داء ) وسبب تحولها الى داء لان يتحول اداءها من الخدمة للمصلحة العامة الى المصلحة الشخصية فتفقد صفة التضحية فاذا فقدت هذه الصفة تبدا تعيش تلك التكتلات حالة الفقر المعنوي وبذلك تضعف في اداء أي واجب او القيام بتسديد أي حق فيحدث الاخلال. وان احدى مثالب الانتخابات قد تجد الكثير يؤيد هذه القائمة او تلك ليس على مقدار ما تبذله من انجازات او بما تحمل من مصداقية بل على اساس الولاءات العقائدية او السياسية او العشائرية او القومية لذلك لا يمكن ان تكون الانتخابات هي التي يمكن ان تفرز الانسان الكفوء دائما ممن يحمل صفة الابداع فمع كون الانتخابات وسيلة عقلائية قد اذعن لها العقلاء من الناس فاكتسبت لها مصداقية الا انها ليست الوسيلة المثلى بل ان انتخاب العقلاء من الناس لشخصية معينة قد تكون اكثر مصداقية. وان الاداء في أي عمل هو الذي يمنح أي شخصية عظمتها وليس مجرد حمل المنصب السياسي او العقائدي او الثقافي او المهني او العشائري او القومي ولا يتحقق الاداء الجيد الا مع النضوج الفكري والسياسي والاقتصادي لاي شخصية والشخصية العظيمة هي التي تبتعد عن ضيق الافق التي تعيشها داخل الاطار الفردي او العشائري او الوطني او القومي بل عليها ان تعيش الافق الواسع وتكون اسمى من كل تحجيم لدورها لذلك الاستفادة من أي نقد مع تصحيح أي خطأ تواجه هي التي تجعل الشخصية تعيش حالة العظمة لقد كان رسول الله ص يستمع لمشاروة العقلاء من الناس في الموضوعات وليس الاحكام لان دائرة الموضوعات يمكن لاي انسان ان يبدي رأيه بخلاف الاحكام التي تكون من اختصاص الله تعالى ولا يسمح لاي انسان ان يبدي أي اقتراحا باي حكم لان الاحكام غالبا تتعلق بالنفوس والاعراض والاموال التي لا يمكن التجاوز عنها ومن يحاول ان يقوم باي عمل يسبب الاخلال بالامن العام . وان أي سلطة سياسية او معارضة سياسية اذا اخلت بالحقوق والواجبات اتجاه النفوس والاموال والاعراض يعتبر اخلال بالعدالة وان الاخلال بالعدالة يعتبر وجود ضعف في الالتزام بالمبادى والقيم والمثل الذي يؤمن بها أي متصدي وهذه هي ممشكلة البشرية عبر التاريخ وهو الاخلال بالعدل وان البشرية تتمنى ان تعيش حالة العدل لان بالعدل تتحقق كرامة الانسان وعلى كل متصدي ان لا يتحول من مظلوم الى ظالم وان لا يتحول تحركه الى الاخلال بالنظام العام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق