الاثنين، 4 مارس 2013

جولة «كيري» لمجرد الاستماع .. أحقاً؟


قبل جولته الاولى الاوروبية وخصوصاً الشرق اوسطية كوزير للخارجية الاميركية، ساد انطباع ربما خاطئ او متسرع على نحو أدق، ان دبلوماسية السناتور المخضرم و»الخبير» في المنطقة جون كيري، ستُحْدِث اختراقاً او نقلة نوعية في عديد من ملفات المنطقة بدءاً من الأزمة المتمادية خطورة ودموية ودماراً في سوريا وليس انتهاءً بملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ودائماً في «اعادة» ضبط وتنظيم علاقة واشنطن بأنظمة الاسلام السياسي التي امسكت – ولم تتمكن بعد – بالسلطة في تونس ومصر..
جاء كيري والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف وكان المراقبون – او هي التسريبات – او بالونات الاختبار – يتوقعون ان يبدي رئيس الدبلوماسية الاميركية تفهماً أعمق وأكثر ادراكاً لطبيعة وابعاد وتداعيات ودائماً اكلاف الأزمة السورية وما قد يدفعه العالم اجمع وليس المنطقة وحدها، الاّ ان ما اظهرته التصريحات كشف عن حجم الهوّة التي ما تزال تفصل بين الموقفين الرسمي والاميركي على نحو يصعب التكهن بمدى قدرة الطرفين على التجسير بينهما، اللهم الاّ اذا كانت التصريحات المعلنة تستبطن التوافق على رؤية مشتركة ما تزال «قيد» الانضاج، وما التصريحات هذه سوى محاولة لتحسين شروط التفاوض او في انتظار حدوث تحول «ميداني» ما، يسمح لأحدهما بالنزول عن الشجرة العالية التي تسلقها.. ولم يكن انتقاد لافروف اللاذع لواشنطن في شأن المعدات «غير القاتلة» التي اعلنت تبرعها لائتلاف المعارضة في مؤتمر "اصدقاء سوريا " في روما بأن ذلك يعكس ازدواجية في المواقف، سوى جزء من جبل الجليد..
هذا يوصلنا الى ما بدأت اوساط الوزير كيري تُسرّبه حول الجولة، وانها جولة «للاستماع».. فقط، ما يدفع للتكهن بأن «الرجل» لم يحقق انجازاً ملموساً في اكثر من ملف تطرق اليه مع قادة الدول التي زارها، ولهذا يريد تخفيض سقوف التوقعات، الامر الذي لا يمكن تفسيره بغير الفشل الذي حصده وبخاصة انه جرى «تلميعه» اعلامياً ودبلوماسياً، وهناك من ذهب بعيداً بأن وجود كيري على رأس الدبلوماسية الاميركية الى جانب تشاك هاغل وزيراً للدفاع اضافة الى رئيس مجلس الامن القومي ومدير المخابرات المركزية CIA الاكثر قرباً من اوباما، يُشكّل فريقاً منسجماً مع سياسة اوباما التي تميل – هكذا يراد لنا ان نفهم – الى توخي المقاربات السياسية والدبلوماسية لحل الازمات والملفات الساخنة مثل البرنامج النووي الايراني والازمة السورية والعلاقات المتوترة مع موسكو وايضاً في الملف النووي الكوري الشمالي والمواجهة الآخذة في التصاعد مع الصين في ظل «التسخين» الحاصل بين الاخيرة وكل من اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، بعد عقد من الحروب الاميركية الفاشلة التي انهكت الموازنة واسهمت في تراجع مكانتها العالمية..
جون كيري .. الذي يُسربون انه يجول المنطقة «للاستماع» هو اكثر «السناتورات» وربما اكثر المرشحين للرئاسة الاميركية (نافس بوش الابن) فهماً واستيعاباً و(خبرة) في ملفات المنطقة، وهو اجتمع الى معظم (ان لم نقل كل) قادة وزعماء المنطقة اكثر من مرة، بل كان يُنظر اليه انه يعرف «شخصية» الرئيس السوري عن قُرب لكثرة ما التقى به.. على عكس ما كانت الحال عليه مع هيلاري كلينتون..
فهل من تراجع اميركي عن «التزامات» سرّبتها وسائل الاعلام؟
أم أن الأزمة السورية خصوصاً، مرشحة للتصاعد، وان قراراً اميركياً أُتخذ في هذا الشأن، وعلى موسكو ودمشق وطهران دفع أكلامه ميدانياً، ومن لحم الشعب السوري الحي، وعلى حساب دولته وكيانه ووحدة اراضيه؟ .. الايام ستروي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق