الثلاثاء، 12 مارس 2013

البحرين والمُراوحة في زمن التغيير


ما زالت الأوضاع في البحرين تُرواح مكانها، منذ انطلاق انتفاضة الرابع عشر من فبراير( شباط ) 2011، دون أن تحقق الأسرة المالكة هدفها بالقضاء على الحراك المطلبي، ودون أن تحقق المعارضة هدفها بالوصول لمملكة دستورية كاملة، رغم كل أساليب العنف التي استخدمتها الأسرة المالكة ضد المطالبين والذين يعبرون عن رأي شعبٍ كامل.
تحاول الأسرة المالكة جاهدةً استبدال هذا الشعب بشعبٍ آخر من المجنسين، وهذه أول مرة تحصل في التاريخ البشري أن تحاول أسرة حاكمة استبدال شعبها بشعبٍ آخر. لا أبالغ بذلك، وإنما التعداد السكاني المنشور بعددٍ من الدراسات يؤكد ذلك، فتسارع زيادة الشعب من المستحيل أن يكون بهذه السرعة إن لم تكن سياسة التجنيس هي الطاغية على المشهد الذي سبق وأن حذرتُ في مقالة سابقة من خطورته حيث قد يؤدي إلى انفلات الأوضاع ونشوب مجزرة بين الشعب الأصلي والشعب الذي استُورِد من الخارج من عدة مشارب.
ما لفت نظري هو المسعى السعودي لفتح قناة اتصال مع الوفاق( كبرى جمعيات المعارضة )، للوصول لحل للأزمة المحتدمة منذ أكثر من سنتين، ولا يبدو بأن هناك أملا بالأفق يشير لقرب انتهائها، لذلك فدخول الشقيقة الكبرى الآن يشير إلى أن أمل التوصل لحل يمكن أن يلوح بأفق اليأس المسيطر على المشهد البحريني، يمكن أن نراه ب(دوربين) فائق الرؤية.
ولكن إلى أي حد يمكن للشقيقة الكبرى أن تغوص بالحل السياسي؟ أنا على ثقة تامة بأن لا الوفاق ولا غيرها لديه القرار النهائي، بعد كل هذه الدماء التي سالت، والسجون المكتظة بالشباب، وزعماء ورموز المعارضة، والأطباء المفصولين والمسجونين، والعمال المسرحين والمسجونين، والمدرسين المسجونين والمفصولين، والأكاديميين المسجونين والمفصولين منهم، والشعب البحريني جميعه لا يمكن أن يرضى بحل يأتي من الشقيقة الكبرى، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن توافق على وثيقة المنامة. وعلى ذلك يُطرح السؤال: هل تستطيع الشقيقة الكبرى التنازل لحساب استحقاق وثيقة المنامة؟ وإن صحّ نبأ ذلك الحوار، فإنّ وثيقة المنامة حاضرة فيه، خصوصًا بند المملكة الدستورية التي تتحاشى الشقيقة الكبرى الدخول فيه بكل السبل.
لن يُكتب لهذا الحوار النجاح، حيث سيولد ميتًا كالذي سبقه من حوارات لا تستحق أن يُطلق عليها حوارًا، وإنما هو كسب للوقت وتضييعه بين ردهات القاعات الفارهة. يمكن يكون نبأ فتح الحوار هو للتفاوض على إلقاء هذا البند مقابل الموافقة على البنود الأخرى، وهذا أيضًا لن ينجح، إن لم يكن في صالح من قدموا أرواحهم فداءً لوثيقة المنامة.
أنا مع الحوار أيًّا كان مصدره ومن وراءه بكل تأكيد، ولكن لكي ينجح هذا الحوار يحتاج لتمهيدٍ جيد؛ تُمَهَّد له الأرضية التي تساعد على نجاحه، وأول خيوط التمهيد هي إطلاق سراح جميع المعتقلين، وإسقاط التهم المُعلّبة، ومحاكمة من أجرم بحق الشعب خلال السنتين الماضيتين، وهذه ليست شروطًا لكي لا يقال بأني أضع شروطًا وإنما هي استحقاقات يجب أن يؤخذ بها، فالشعب الذي قدّم كل هذه التضحيات لن يوافق على أي حل، حتى لو كان هذا الحل ستوافق عليه الوفاق، ذات الأغلبية البرلمانية، ناهيكم عن بقية الجمعيات التي لها ثقلٌ وتاريخ وتضحيات. لذلك فإن الحوار، إن صح هذا النبأ، لن يُكتب له النجاح، حتى لو أعطيتم الوفاق كل سبل إنجاحه، إن لم يحز على رضا الشعب الذي دفع الثمن الحقيقي من دمائه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق