الاثنين، 18 مارس 2013

ما وراء فزعة هولاند


ليس جديدا أن تسلح فرنسا المعارضة السورية ، فهي من بادر إلى ذلك منذ الأيام الأولى للحراك، عندما كانت الغالبية لا تزال ضد التسليح، وهي من شكل الفرق الخاصة لليبيا مع قرار بأن تتوجه هذه الفرق إلى سورية فور حسم الوضع الليبي. بل إن التسليح القطري لم يكن بعيدا عن التنسيق مع باريس. فلماذا يلعلع فرانسوا هولاند الآن بمطلب تسليح المعارضة المسلحة؟
وكما كان برنار هنري ليفي هو من رتب حضور المجلس الانتقالي الليبي مع المجموعة الأوروبية في بروكسل تمهيدا للتدخل العسكري المباشر، كان لوران فابيوس ( اليهودي الصهيوني ) هو من رتب حضور سليم إدريس لمؤتمر بروكسل، حيث طالب بصواريخ أرض جو وصواريخ مضادة للدبابات.
ولكن هل يأتي التحرك الفرنسي – البريطاني، كمجرد تلبية لمطلب سوري؟ أم أنه كما قال فرانسوا هولاند عدم قدرة فرنسا القلب والمبادئ على رؤية شعب يذبح، فرنسا التي ذبحت مليون شخص في الجزائر، وها هي الآن تذبح من يهدد مصالحها في مالي. فرنسا المبادئ التي تسلح الإسلاميين في سورية وتحاربهم في إفريقيا؟ أم أن علينا تصديق الهدف المعلن المتمثل في زيادة الضغط على نظام الأسد ليقبل بالمفاوضات، في حين أن النظام هو من دعا إلى المفاوضات وقبل بها حتى مع المسلحين؟
لماذا يقول فابيوس: علينا أن نمضي بسرعة ولا يمكن أن ننتظر نهاية ايار، الموعد المقرر من قبل المجموعة الأوروبية لمراجعة الحظر على التسليح ؟ فما هو الملح الذي لا ينتظر؟ وأخيرا: من أين ستأتي فرنسا بمصاريف التسليح، هي التي تقف على حافة الهاوية الاقتصادية، وتعجز عن تأمين الأمن في الضواحي والمدن الفرنسية نفسها؟
الإجابات تكمن في ثلاث: الأول هو أن فرنسا التي وجدت نفسها خارج التفاهم الأمريكي – الروسي ، تريد الولولة للحصول على مقعد في عملية التفاوض القادمة. والدليل أن الخارجية الفرنسية صرحت بأنها تدرس مع الروس والأمريكيين أسماء الشخصيات المرشحة للحوار وشكله المقترح، فخرج مسؤولو الدولتين العظميين ليكذبا ذلك بطريقة غير مباشرة ويؤكدان بعدم وجود استشارة مماثلة. فأية حصة ستكون إذا لباريس في كعكة مصالح ما بعد الحرب في سورية ؟ وأي مصير للعلاقات بين البلدين وباريس هو الأكثر تورطا في النزاع الديبلوماسي والعسكري؟ سؤال لا شك أن تركيا وقطر تطرحانه أيضا وبحدة أكبر، لأن النتائج ستنعكس بشكل كارثي على داخل هذه الدول ومصير أنظمتها. وعليه يمكن لفرنسا أن تصل من طرحها هذا إلى واحد من احتمالين: إما الحصول على دور في الحل السياسي، وإما النجاح في جر أوروبا إلى تأييد التسليح، وعندها تنجح هي وبريطانيا في جعل العرب يدفعون ثمنه وتركيا تؤمن تمريره، وهنا تضرب حكومة هولاند وكاميرون ثلاثة عصافير بضربة واحدة: تحقيق دخل اقتصادي جيد عبر بيع السلاح وتشغيل مصانعها من جديد ، فرض نفسها كطرف فاعل في النزاع والحل، وأخيرا لا آخرا ضرب الجيش السوري بشكل أفعل، خاصة سلاحي الجو والمدفعية، بما يؤمنه ذلك من خدمة لإسرائيل. وفي هذا البند الأخير نجد تفسير الاستشراس الذي يبديه الإعلام الفرنسي بيمينه ويساره ضد الرئيس الأسد والجيش السوري. حيث إن هذا الإعلام خاضع، بيمينه ويساره لسيطرة اللوبي اليهودي بشكل شبه كامل. بهذا أيضا نفهم لماذا لا يستطيع فابيوس الانتظار حتى موعد آخر أيار، فقبل آخر أيار هناك قمة الدوحة والمطلوب أن تتشكل قبلها حكومة الائتلاف المعارض، وهي ما يعارضه احمد الخطيب مما قد يؤدي إلى إبعاده في مؤتمر استنبول. حيث يرى إمام المسجد الأموي أن هذه الخطوة هي عمليا البدء بتقسيم سورية.
وقبل أيار هناك المفاوضات الأمريكية الروسية التي يبدو حسب الأنباء أنها بلغت شوطا متقدما وإن تكن لم تجهز بعد للتنفيذ. وإذا كانت روسيا قد ضمنت عدم تدخل إيران فيها، فهل يمكن للولايات المتحدة أن تضمن استبعاد الدول الموالية لها بالمقابل، وإقناع أوروبا بعدم التدخل خاصة بعد أن أعلن عن استثمار قطر لـ( 14 مليار دولار في بريطانيا )؟
http://beladitoday.com/?iraq=ما-وراء-فزعة-هولاند&aa=news&id22=4415

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق