الأربعاء، 27 مارس 2013

ماذا بعد “تحرير” سورية؟


نقلت وكالة (ا ف ب) أمس الأول خبراً مفاجئاً لها من دبي، عن مقتل رئيس مجموعة إسلامية في الإمارات خلال قتاله في سورية ضد قوات الجيش هناك.
الوكالة نقلت عن بيانٍ لـ «أحزاب الأمة» -التي وصفتها بأنها «ثلاث مجموعات صغيرة غير شرعية» في الكويت والسعودية والإمارات- أن محمد العبدولي قتل في محافظة الرقة شمال سورية، وأنه ضابطٌ متقاعدٌ في الجيش الإماراتي وسجين سابق من إمارة «الفجيرة»، وكان رئيس حزب الأمة في الإمارات.
قبل أيام انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي في البحرين بإعلانٍ نشره أحد النواب التابعين لجمعية سلفية، عن تجهيز «خمسة آلاف غاز» للقتال في سورية، بتكلفة ألف دينار لكل مقاتل. وقبل ثمانية أشهر تسلّل ثلاثة نواب وقاضٍ بحريني إلى الأراضي السورية لتقديم مساعدات لوجستية للجيش الحر، وهي عمليةٌ أربكت الخارجية البحرينية التي نفت علمها بالواقعة، باعتبارها تدخلاً في شؤون بلد آخر، وهو ما يناقض السياسة البحرينية المعلنة رسمياً.
الموضوع السوري معقّدٌ ومؤلمٌ للغاية، فهناك شعبٌ عربي مسلمٌ يتطلّع كغيره من شعوب المنطقة إلى الحرية والحكم الديمقراطي العادل، وبدأ يعبّر عن ذلك بطريقةٍ سلميةٍ في مطلع حراكات الربيع العربي، قابلها النظام بعنف، ما دفع بقطاعاتٍ من المعارضة إلى العنف المسلح. وزاد الأمر تعقيداً دخول الدول الإقليمية والأجنبية على الخط، بين مساندٍ للنظام ومساندٍ للمعارضة، وتدفّق السلاح والمال ليحوّل سورية إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات.
ومع وجود هذه الآلة الإعلامية الضاربة، تدفّق آلاف المقاتلين العرب والأجانب بداعي «النصرة». ولم يكن مسموحاً أن تسأل لماذا لم تُسيّر مثل هذه الحملات لتحرير فلسطين المحتلة منذ 65 عاماً، بينما يتم تجهيز الغزاة لتحرير سورية من نظامٍ لا يختلف كثيراً عن بقية الأنظمة. وكان صعباً ابتلاع فكرة أن تقوم أنظمةٌ غير ديمقراطية، وبعضها لا يمتلك دستوراً ولا برلماناً، بتصدير الديمقراطية إلى بلدٍ يحكمه نظام استبدادي.
الكثير من المحللين اليوم يتكلّمون عن تكرار السيناريو الأفغاني في سورية، فهناك كتلةٌ بشريةٌ يمكن توجيهها إعلامياً بسهولةٍ لتبنّي هذه القضية أو تلك، وترحيلها من بلدانها للتخلص من هذه الطاقات الشبابية المتفجرة، على طريقة «اللهم حوالينا ولا علينا»، في بيئاتٍ تعاني من البطالة والفقر والتجهيل. ولن يعدم المخطّطون شعاراً يواكب المرحلة، من الجهاد في أفغانستان أو العراق أو البوسنة وأخيراً سورية (إلا فلسطين المسبية)، لحساباتٍ سياسيةٍ عليا. والسؤال الأهم الذي يجب أن يطرح: ماذا بعد سورية؟ بعد أفغانستان، عادت مجموعاتٌ كبيرةٌ من الجهاديين العرب إلى بلدانهم لتتلقفهم السجون، وبعضهم منح اللجوء السياسي في الغرب، وبعضهم وصل إلى السودان حيث تبلورت فكرة «القاعدة»، وبعد الضغط على السودان انتقل التنظيم إلى أفغانستان، حيث انطلقت منها غزوة الحادي عشر من سبتمبر، وانتهت بغزو أفغانستان والعراق.
عندما ننتهي نحن العرب، بمؤازرة بريطانيا وفرنسا وتركيا، من تدمير سورية، هل نحن مستعدون إلى إعادة عرض السيناريو الأفغاني؟ وماذا سنفعل مع عودة آلاف المجاهدين إلى بلداننا، الخليجية تحديداً، بعد إتمام مهماتهم الجهادية هناك... خصوصاً بعد أن أصبحت لهم داعياتٌ يكتبن مقالاتٍ يوميةً يهدّدن بضرب القواعد والمصالح الأميركية في دول الخليج وتهديد أهل البحرين بقرب تنفيذ التفجيرات في الشوارع كما يحصل في العراق؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق