الثلاثاء، 12 مارس 2013

من المستفيد ؟



ما يجري حالياً في مصر بشكل عام يثير الكثير من المخاوف والتساؤلات، والتطورات المتسارعة على أكثر من صعيد وجبهة، تحمل أشد المتفائلين على النزوع إلى التشاؤم المشروع، فالأوضاع تتجه إلى مزيد من التعقيد، والاحتجاج يتحول بالتدريج إلى شكل من أشكال العنف غير المبرر ولا المشروع، والقوى السياسية ككل غارقة في حساباتها الضيقة، ومن الضائع في هذه الدوامة الصاخبة غير المصريين البسطاء البعيدين عن المشهد باختيارهم؟
ما حدث السبت الماضي، من سلوكيات خارجة على أعراف وتقاليد وأخلاقيات الشعب المصري، وتعرض المئات من المشجعين المنضوين في تجمع يطلق عليه اسم “الألتراس”، لمؤسسات تعود ملكيتها إلى الشعب المصري، من مثل اتحاد كرة القدم، ونادي ضباط الشرطة، وغيرها من المرافق العامة في قلب العاصمة القاهرة، يحمل على التساؤل المرفق بالإدانة، عن خلفيات هذه الجريمة ودوافعها ومرتكبيها .
لمصلحة من هذا التخريب والدمار والحرق وتعطيل الحياة؟ وأي هدف سيتحقق من خلال هذا العنف الدخيل على معجم ثورة الخامس والعشرين من يناير؟ وإلى أين يأخذ هؤلاء المنفلتون أي ضابط، الوضع في مصر؟ وكيف يمكن قراءة ما يحدث من خلال السياق العام للحالة المصرية التي تعاني انسداداً على أكثر من صعيد؟
القضاء المصري نطق بحكمه في قضية مجزرة استاد بورسعيد، ودان العشرات من المتورطين، وحكم على 21 منهم بالإعدام، وسجن آخرين فترات ترواح بين عام واحد والمؤبد، وأدى الدور المطلوب منه في تثبيت الحقوق والقصاص من المتورطين، ولا يمكن بأي حال الاعتراض على قرارات القضاء إلا من خلال الأطر القانونية المتمثلة بمختلف درجات المحاكم من استئناف وتمييز وغيرها .
قاعات المحاكم هي ساحة المعركة الحقيقية التي ينبغي لكل ذي مظلمة أن يتوجه إليها، وأن يعد العدة القائمة على القانون والبينات والأدلة، واحترام القضاء وعدم السعي إلى ابتزازه أو الضغط عليه، هناك يستطيع من يحسون بالغبن أن يخوضوا معركتهم، من دون تخريب ولا وقوع في المحظور المتمثل بالنزوع إلى العنف والحرق والإفساد، وهناك يستطيعون انتزاع حقوقهم والقصاص من المجرمين الذي لن يكون بأي حال عن طريق انتهاج أساليبهم .
الحالة في مصر مضطربة بما يكفي، وآخر ما ينقصها مثل هذه السلوكيات العنيفة، وآخر ما تنتظره البلاد من شبابها الذين حرروها من الاستبداد والظلم، أن يتحولوا إلى أداة استبدادية أو تخريبية، لن تعمل إلا لمصلحة كل متربص، ولفائدة كل من يبحث عن إغراق مصر في أزماتها .
السلمية طبعت منذ البداية وحتى وقت قريب كل أشكال الاحتجاج في مصر، لكن العنف حين يدخل على ساحة الاحتجاج، لن يخلّف غير العنف والعنف المضاد، ولن يسفر إلا عن إغراق البلاد في أتون التجاذبات والصدامات، وعلى السياسيين بالدرجة الأولى أن يكفوا عن محاولات التجييش والتصعيد باستخدام الأداة الميدانية، وأن يحولوا معركتهم إلى ساحتها الصحيحة المتمثلة في السياسة والحوار والأدوات الديمقراطية الأخرى، وهذا ينطبق بالدرجة الأولى على من في الحكم، ومن ثم على المعارضين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق