الاثنين، 18 مارس 2013

سحر التفجيرات


قبل أي تفجير تكون جغرافيا الساحات والشوارع والأزقة في حالة تفتح عجيب ولكن ما أن يحدث التفجير الأول الذي يبشر عادة بتفجيرات يومية متلاحقة حتى يتسخ المكان ويصبح مغبراً لا بل حتى عدسة الكاميرا تتسخ هي الأخرى.
وفي التفجير الأول للعاصمة الأفغانية كابول وما تبعه من تفجيرات أخرى حتى تحولت الجغرافية المكانية في «كابول» وفي باقي المدن الافغانية الى مناطق مغبرة بشكل ترابي موحش، الى الدرجة التي يعتقد فيها الواحد منّا أن بعض اللقطات المغبرة مكانياً وكأنها التقطت بعدسة تصور تضاريس كوكب آخر!!
ان التفجير بسحره الانفجاري يعمل على قطع حبل مشيمة المكان مع كل ما هوحضاري أو مدني، ويتحول المكان الى مساحات ترابية مثقلة بالدم الجاف، وبالتالي يكف المكان عن كونه مؤنسناً!!
ومن يتابع التفجيرات المتتالية في العراق يكتشف أن الكاميرا التي تلاحق المشهد هي كاميرا عرجاء بامتياز، وسطح عدستها يتسم بالصحراوية المتسخة، هذا عداك عن حطام السيارة التي وقع فيها التفجير الانتحاري وتعاريج معدنها المكسرة، اضافة الى بقايا الاشلاء والدم والجثث التي تحيط بالمكان. وما يُربك عين المشاهد بالفعل عادة هوحركة الطيور التي تحلق برعب فوق تضاريس المكان!!
ان العين الانسانية ازاء مثل هذه المشاهد تفقد قدرتها على تجميل المشهد، ويتحول المكان الى تضاريس أقل ما يقال عنها انها تضاريس مرعبة. والغريب ان فعل تكرار المشهد الجرائمي هذه في كل نشرة اخبارية يجعله يقع في عادية المشاهدة الموجعة!!
لكن المشهد في النهاية لا يخلو من القسوة، تلك القسوة التي تُنفرك من المكان وتحاشي التحديق فيه!!
ومن شاهد ميدان التحرير في بداية الثورة المصرية كان يعشق المشهد النظيف للميدان، لكن وبعد مهاجمة الثوار بالبغال والجمال تحول المكان الى منطقة متسخة بالدم وببقايا الصرخات لبعض الجرحى والشهداء، ومع مرور الوقت صار ميدان التحرير عبارة عن منطقة مغبرة خالية تماماً.
أما عن المكان السوري فحدث ولا حرج وأنت تشاهد المدن وقد تقوضت أبنيتها وصار المشهد المديني السوري يذكرنا بالزلازل المُدمرة والتي تصل في قوتها الى تسع درجات على مقياس ريختر. هذا عداك عن ضيق التنفس الذي يصاب به المشاهد وهو يرى رجال الثورة يسحبون اشلاء المدنيين من تحت البيوت المدمرة!!
إن للتفجيرات سحرها الدموي المميز الذي يستل الجمال من العين ويضع مكانه كل هذا الخراب!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق