الثلاثاء، 2 أبريل 2013

كتابة التأريخ القديم


كانت كتابة التاريخ بالمعنى المعروف اليوم نادرة ,وإن اكتشاف الكتابة وبدء قياس الزمن جعلا من الممكن الاحتفاظ بوثائق في المعابد ,وهي تحتوي في طياتها حوليات تاريخية وعلى الرغم من تقدم حضارة مصر والرافدين فأنها لم تخرج بما يستحق أن نسميه تأريخاً,أما الملاحظات اليسيرة عن مغامرات الفراعنة المصريين والقوائم القليلة الحاوية لأسماء الملوك التي حفظت كان باحثها جميعاً الرغبة في إكبار شأن الفرعون الحاكم وذكر سيرته ,أما بابل أخذت الكتابة التاريخية صورة النقوش المرسومة على المباني,وظهرت عند الآشوريين وثائق حوليات ملكية تشمل في تسلسل حولي مغامرات الحكام في الحرب والصيد والقيام ببناء بعض القصور ,والهدف من ذلك تمجيد الملك الحاكم وإعلاء شأنه في نظر الأجيال ,وغلبت على تلك الوثائق والنقوش المبالغة والتهويل والروح الدينية ,ويرى اغلب المؤرخين أن الأحوال الجوية جعلت مصر متحفاً تأريخياً أو كتاباً تأريخياً ضخماً ,وساعدت على حفظ مصادر وافية وقيمة للمعلومات التاريخية في مقابر الملوك والقصور والمعابد ولكن لم يبق من هذه الكتابات التاريخية إلا القليل ومنها ما كتبه احد كتاب (تحوتمس الثالث) واصفاً غزوات هذا الملك الهمام الناهض العزم وصفاً جيداً ,حينما تأثرت الثقافة المصرية القديمة بالثقافة الهلينية قد اظهر كاتب مصري هيليني الثقافة وجمع حوليات عن تاريخ مصر تأريخياً وقد كان له شأن في مصر وهو(مانيتو). وعرف هذا الكاتب بتحري الموضوعية في جمع المادة التاريخية وتفسيرها ,إلا انه لم يبق من كتبه سوى مقتبسات في كتاب المؤرخ (يوسيفوس) اليهودي ,وفيما كتبه المؤرخان المسيحيان (جولياس) الإغريقي و(اتريسبوس) ,وقد تقدم البابليون الآشوريون على المصريين تقدماً في جمع الوثائق التاريخية ,لكن لم يظهر بينهم مؤرخ من طراز (مانيتو) حتى تأثرت الحضارة البابلية بالهلينية .
وظهر المؤرخ الكاهن (بيروسوس) وكتب تاريخ بابل. أما أقدم الكتابات التاريخية هي الوثائق تي كتبها السومريون ,وقد جمع البابليون قوائم كثيرة بأسماء الملوك. وعلى العموم فأن الوثائق التاريخية الخاصة بقدماء المصريين والبابليين والآشوريين لم تتجاوز انساب الملوك وتسجيل الحملات الحربية والاماديح ,والملابسات الاجتماعية التي مهدت لظهور هذا اللون من ألوان التاريخ الممل غير الشائق أن ازدهار فن الكتابة التاريخية كان يستلزم جو من الحرية تنمو فيه الملكات ,ولا يقتصر فيه التاريخ على تسجيل إخبار قلة من الملوك ,وتدوين بعض الأحداث العامة منفصلة عن الأسباب التي مهدت لوقوعها والاكتفاء بالاقتصار على أخبار طبقة خاصة قليلة.
مقالات للكاتب الأستاذ المساعد الدكتور صلاح عباس حسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق