الخميس، 4 أبريل 2013

في التغيير الديمقراطي


منذ اللحظة الأولى لبدء الأحداث في تونس وما تلاها في الدول العربية تم رفع عناوين مختلفة أبرزها "الربيع العربي" و "التغيير الديمقراطي"، ومنذ اللحظات الأولى لما جرى برز الخليجيون وقطر تحديداً كما لو أنها الأم والأب "للثورات العربية" وكما لو أنها الراعي العربي الحصري للديمقراطية والتغيير من أجلها، حتى أن من ينتحل شخصية المفكر من أمثال عزمي بشارة ساق في القصة كما لو أنها حقيقة غير قابلة للمناقشة، وراح يروج ويسجل حضوراً تنظيرياً على الشاشات لساعات وساعات خلال الأسبوع وحيث يستلزم الأمر مزيداً من الشحن والتحريض وممارسة الكذب مقابل حفنة من الدولارات.‏
من المسلم به أن قطر والسعودية وأخواتهما هي في غنى عن التعريف كنظم مستبدة لا تعرف رائحة الحرية والديمقراطية؛ وكمشيخات نفطية غازية رائحة عمالتها وقذارتها تزكم الأنوف، لكن رغم ذلك فقد وجدت من يتجاوز على كل المقاربات والتجارب التاريخية في مسألة التطور الديمقراطي؛ وفي تجارب الشعوب وحركاتها الوطنية التقدمية التي تنشد الديمقراطية، فهل انطلى ذلك على الشعوب والنخب، وهل صدق أحد هذه الأكذوبة الفجة، وهل ينتظر أحد أن تنتج ثورات ترعاها نظم رجعية عميلة مستبدة شكلا ديمقراطياً للحكم يحترم الحقوق الأساسية للشعوب ؟
ربما تبدو هذه الأسئلة ساذجة جدا، وقد تبدو أكثر سذاجة تلك الأسئلة التي تطرح حول امكانية انتاج التطرف والتكفير والقتل والتخريب والفوضى شكلا من أشكال الديمقراطية، وعليه فقد نخجل ونشعر بالحرج من طرح متوالية التساؤلات الأخرى حول امكانية أن تصنع فتاوى القتل والجهاد ونكاح الجهاد وسبي النساء نظاماً ديمقراطياً تقدمياً، وحول جواز وضع اليد بيد العدو أو استدعاؤه للتدخل من أجل إحداث التغيير الديمقراطي؟!
فعلا إنها أسئلة ساذجة لا ينبغي أن نطرحها حتى لو كنا نعيش عصر العاهرين؛ لأن في طرح مثل هذه التساؤلات تسخيف للعقل واستهانة بالفكر الانساني، وحتى لو كان الهدف من طرحها الاضاءة على سخف وتفاهة وعهر ملوك خليج الغدر والنظام العالمي فلا ينبغي أن تطرح !
الحق بيّن والباطل بيّن، وللشعوب مساراتها لاحداث التغيير نحو الأفضل - الديمقراطي أو الليبرالي - ولإحداث هذا النوع أو ذاك من التغيير أسبابه الموضوعية وموجهاته الايديولوجية، وقد عرفت المجتمعات طرقاً ووسائل لانجاح الثورة أو فعل التغيير والتطوير تحقيقاً لطموحات مشروعة لها، وهناك تجارب غنية في الشرق والغرب، فمنها ما اتخذ الحركة الحقوقية سبيلا للتغيير؛ ومنها ما اتخذ التحرك السياسي؛ ومنها ما اتخذ الفكر أو الاقتصاد منطلقاً؛ ومنها ما جمع بين هذا المتحول وذاك المتغير؛ ومنها ما اشتمل على جميع هذه العناصر، غير أن تجربة ناجحة واحدة لم تسجل باتخاذ الارهاب والعنف والفوضى والقتل والتخريب سبيلا للتغيير!
الفوضى لا تنتج إلا الفوضى، والتطرف والارهاب واقصاء وتكفير وإلغاء الآخر يعطل ولا ينتج .. يدمر ولا يبني دولة ولا أوطانا ديمقراطية أو غير ديمقراطية؛ وهو بالضبط وبدقة ما تعمل عليه مشيخات النفط والغاز في الخليج بأمر عمليات صهيو-أميركي لتعطيل المجتمع العربي وتدمير الوطن والأمة، ولن نمكنها، نحن في سورية لن نمكنها هي وأسيادها، وسنسقطها ومشروعها سواء أتى باسم الاسلام والتطرف أم جاء بلبوس الحرية والديمقراطية، وإن آل ثاني وخليفة وسعود يتحسسون رؤوسهم في هذه الأثناء، وربما باتوا يدركون أن اللعبة انتهت وآجالهم في الامارة، وإن في حفلة الجنون الأخيرة "قمة الدوحة" ما يكفي من الأدلة التي تدلل والاشارات التي تؤشر الى هزيمة السيد الأميركي والعبد الخليجي والى السقوط المدوي الذي ينتظرهم.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق