الاثنين، 22 أبريل 2013

مطاردة بوسطن وجديد أمريكا ضد الإرهاب!


لمدة يومين أو أكثر اشحنا بوجوهنا عن المسلسلات البوليسية الأميركية لنتابع المشهد الواقعي الأكثر إثارة لعشرة آلاف من الجيش والاستخبارات العسكرية والإف بي آي يطاردون شابين بعد الاشتباه بتورطهما في حادثة تفجير ماراثون بوسطن. وسائل الإعلام المتلفزة والمقروءة والإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وجدت في هذه القصة تغطية قل نظيرها مع أنها انتهت بسرعة قياسية مقارنة بدراما مكافحة الإرهاب التقليدية.
ما حدث في الولايات المتحدة بعد تفجير بوسطن كان جديدا إلى حد ما. بغياب المحافظين الجدد والجمهوريين عن البيت الأبيض ذهبت النزعة السريعة في ربط التفجير بالمنظمات الجهادية. خلال أكثر من 4 ايام من التكهنات لم يخرج مسؤول سياسي أو أمني أميركي بتصريح يتهم “الكاييدا” بالتورط في العملية، وهذا ربما حرم القاعدة نفسها من فرصة تبني عملية لم تخطط لها ولم تنفذها. حتى التصريحات الفردية لبعض الإعلاميين العنصريين حول العرب والمسلمين قوبلت برد فعل غاضب. أميركا 2013 ليست بنفس الهيجان مثل أميركا 2001 ربما لأن حجم الحادث ليس بنفس حجم تفجيرات نيويورك ولكن أيضا لأن الإدارة الأميركية الحالية ليست معنية بنشر أجندة عنصرية وتهيئة الظروف لحروب خارجية.
بعد الإعلان عن أسماء وصور المشتبهين تم ايضا التعامل مع القضية بشكل فردي، ولم تكن هنالك اية توجهات رسمية لربط اصول المتهمين الشيشان بالمنظمات الشيشانية التي تقاوم الاحتلال الروسي. صحيح أن العالم قد اكتشف الشيشان فجأة بعد هذه العملية وأصبحت كافة وسائل الإعلام معنية بهم وتأريخهم، ووجدت القنوات التلفزيونية حتى السيء إن صعوبة في إيجاد الشيشان على الخارطة لم نجد سياسة منهجية لربط العملية بسلوك ومنهجية إسلامية. ومن الطريف أن سفير جمهورية التشيك في الولايات المتحدة اضطر لإصدار بيان رسمي ليوضح فيه للإعلام الأميركي والرأي العام أن جمهورية التشيك ليست هي نفس منطقة الشيشان الملحقة حاليا بروسيا ضمن نظام حكم ذاتي!
اهتمام الإعلام ركز على عائلة المشتبه بهما، حيث كانت تصريحات “عمهما” مثيرة في تأكيده للتهمة على الشابين وكونهما غير قادرين على الاندماج في المجتمع ويحملان أفكارا متطرفة، في محاولة واضحة لدرء تبعات الحادثة عن عائلته والمجتمع الشيشاني في الولايات المتحدة بشكل عام، بالرغم من إصرار والدي المتهمين والمتواجدين في جمهورية الشيشان في روسيا على البراءة. نظريات المؤامرة انتشرت بشدة ومنها حساب على الفيسبوك يبدو أنه وهمي باسم جوهر المتهم الأصغر وهو يكتب رسالة لوالده يقول فيها “أنهم ورطوني ويطلب السماح” ولكن طبعا وضمن شروط نظرية المؤامرة والغموض لا يكتب جوهر من “هم” الذين ورطوه مع أنه تمكن افتراضا من فتح حساب وكتابة رسالة وهو تحت ملاحقة آلاف الجنود والعملاء الأمنيين!
في المجتمع الأميركي بعض الانتقادات حول الطريقة التي تعاملت فيها الإدارة مع الحالة بإغلاق بوسطن ونشر آلاف الشرطة والجيش وأن هذا يشبه عمل دولة بوليسية، ولكن مجموعات أخرى اشارت بأن هذا الإجراء السريع أفقد المتهم فرص الهرب وساهم في إلقاء القبض عليه بسرعة.
لم تتضح الحقيقة كاملة وربما كانت العملية بالفعل فردية من الشابين وبدون شبكة حماية داعمة لهما أو ارتباط بجماعات متطرفة، ولكن يفترض أن يساهم التحقيق مع جوهر في كشف المزيد من الحقائق. ولكن شأن كل حادثة في الولايات المتحدة بدءا من الأطباق الطائرة ومرورا بوفاة ألفيس بريسلي ومقتل جون كينيدي وانتهاء بحادثة بوسطن ستبقى نظرية المؤامرة قائمة حتى النهاية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق