الثلاثاء، 16 أبريل 2013

عن «سائق الحافلة» الذي سيقود .. فنزويلا !


ليس نيكولاس مادورو.. هوغو تشافيز، وهو لن يكون باستطاعته أن يحظى بالشعبية التي حققها الأخير بفضل كاريزميته وشجاعته وقراءته الصحيحة للمعادلات وموازين القوى التي تحكم علاقات دول أميركا اللاتينية بالجار الامبريالي المتوحش الذي ما يزال يتربص بالقارة الجنوبية ولم يعتذر – وليس في نيته الاعتذار – عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وعمليات النهب والافقار والترويح والدعم غير المحدود للدمى الدموية التي دفع بها إلى حكم معظم الدول اللاتينية عبر انقلابات عسكرية وتمردات إرهابية وتشكيل «خلايا الموت» في أكثر من دولة، مهمتها تصفية اليساريين والوطنيين وحتى رجال الدين الذين انحاز معظمهم إلى الثوار وبات مصطلح «لاهوت التحرير» مرادفاً لثورية الكنيسة التي طالما انحازت (وباركت) الانقلابيين والدكتاتوريين بدءاً بسفاح تشيلي «بينوشيت» وليس انتهاء بجنرالات الأرجنتين الذين حظوا بتعاون بابا الفاتيكان الحالي فرانسيس عندما كان يتولى قيادة بطريركية بيونس إيرس على ما قالت مرجعيات صحافية وسياسية ونقابية في الأرجنتين..
ما علينا. فاز سائق الحافلة مادورو، بفارق ضئيل يكاد لا يذكر «أقل من 300 ألف صوت أو 59ر1 % بعد أن حصل الأولى 66ر50 % فيما مرشح المعارضة كان نصيبه 07ر49 %) وهو أمر يحيل مباشرة إلى نتائج شهر تشرين الأول الماضي (2012) التي فاز بها الراحل تشافيز على الشخصية المعارضة نفسها ولكن بفارق كبير زاد على 11 %، ما اعتبره كثيرون وبرغم حملة التشويه والشيطنة التي أدارتها جهات إعلامية وسياسية ودبلوماسية داخلية وخارجية وخصوصاً أميركية ضد الزعيم الاشتراكي الراحل، إلاّ أن الشعب الفنزويلي الذي يثق بقائده المجرّب والصادق محضه ثقته وفوّضه الحُكْم مرة ثالثة متجاوزاً كل اخطائه غير المقصودة (على قلّتها). هنا... ليس بالضرورة ان يسير مادورو على خطى تشافيز، تماماً كما كانت حال انور السادات مع جمال عبدالناصر أو الشاذلي بن جديد مع هواري بومدين وثمة نماذج اخرى في العالم العربي (دع عنك غورباتشوف ومعظم قادة جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة الفاسدين والمفسدين الذين حولوا دولهم «المُسمّاة زوراً بالمستقلة» الى مزارع وأورثوها لأولادهم وبناتهم وهذا ما تريده اميركا التي تصدع رؤوسنا بربيع تلك الدول وثوراتها الملونة والتي انتهت الى تبعية صارخة ومديونية وانهيار مظلة التأمينات الاجتماعية والصحية والتعليمية والخدمية على نحو لم يعد الحنين الى الزمن السوفياتي مجرد نوستالجيا، بل تُترجم عملياً عبر صناديق الاقتراع). هذا لا يعني اننا نغمز من قناة الرئيس الجديد الذي قَبِل تحدي المعارضة باعادة فرز الاصوات، بعد ان ادّعت الاخيرة ان تجاوزات قد حدثت، بل ان ما تعهد به مادورو الذي ما يزال وربما الى وقت ليس قصيراً - في جلباب تشافيز ويتغطى بشعاره ومواصلة الثورة الاشتراكية التي قادها الرئيس الراحل، ويتعهد بضمان «المهام البوليفارية» وهي البرامج الاجتماعية الممولة من العائدات النفطية، يثير القلق في مدى قدرة مادورو (دع عنك رغبته) على مواصلة المهام البوليفارية، أو السير على نهج تشافيز اللاتيني بما هو عمل دؤوب ومثابر لتوحيد مواقف وسياسات دول القارة اللاتينية وعدم السماح باستتباعها أو الرضوح لتهديدات اليانكي الأميركي وفي الاساس دعم أحزاب اليسار والمنظمات ذات التوجه الاشتراكي الرافضة للعنف، يحتكم لقواعد اللعبة الديمقراطية ويؤمن بتداول السلطة سلمياً.
الرئيس الجديد مادورو تعهد في حملته الانتخابية بوضع حد لـ «دبلوماسية النفط» التي انتهجها تشافيز في علاقاته مع الدول الفقيرة مثل كوبا، عندما كان يزودها ببعض احتياجاتها النفطية «مجاناً» .. وهذا مؤشر على الوجهة التي يريد مادورو ان يأخذ فنزويلا اليها وبخاصة انه أعلن في شكل صريح انه مؤيد لاقتصاد السوق.. و وضع حدٍ لـ «الهدايا» النفطية.
صحيح ان مادورو مدين لتشافيز في وصوله الى هذا الموقع الذي لم يكن يحلم من حتى في «عز» تألقه النقابي عن السواقين والعمال، إلا انه صحيح أيضاً ان الابناء قد يكونوا قَتَلَة الآباء، والدليل على ذلك هو ان انصار تشافيز لم يمنحوا مادورو ما كانوا منحوه لسلفه الراحل وبنسبة تصل الى 10 %. نسبة تدعو للتأمل.. أليس كذلك؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق