السبت، 11 مايو 2013

حزب أوجلان التركي..إلى أين ؟


لا يخفى على أحد إن العلاقات العراقية التركية، وصلت في المرحلة الأخيرة إلى حالة عدم الوئام بسبب التدخلات الفاضحة للأتراك، في الشأن العراقي، فضلاً عن دعمها المباشر لكل التظاهرات التي كانت ومازلت تحدث في المناطق الغربية، واليوم تمارس تركيا دوراً آخر في العراق من خلال تدخلها بشكل مباشر والمتمثل بإقحام العراق في الاتفاق الأخير الذي حدث بينها وبين حزب العمال الكردستاني المعارض، وتوّج لتركيا إنهاء خلافها مع الحزب المذكور، بعد سحب قواته إلى جبال قنديل شمال العراق.. إن التمعن في كل ما توصل إليه الطرفان، يجد إن العراق يحترم قواعد حسن الجوار ويرغب في استقرار تركيا والحلول السلمية وفي المستويات كافة إلا إن ما تمخض عنه في مسألة الانسحاب واختيار إقليم كردستان يثير العديد من التساؤلات والريبة والقلق لما ستؤول إليه نتائج هذا الاتفاق المؤثر شكلاً ومضموناً، بأمن وسيادة العراق أهمها لماذا اختارت تركيا جبال قنديل المحاذية للحدود السورية والإيرانية لاستقرار حزب أوجلان في هذه المرحلة بالذات التي تشهد فيه العلاقات بين حكومة بغداد والاقليم تحسناً واستقراراً خاصة بعد تهدئة الأجواء بينهما وإيجاد حلول لجزء من المشكلات العالقة بين الطرفين.. ما الهدف الذي جعل تركيا تؤطّر هذا الاتفاق ببعد استراتيجي خطير يبين حجم دورها المقترن باختراقها للحدود العراقية ؟ هل هذا يمنحنا مؤشراً مستقبلياً لإقامة دولة كردية تتماشى مع طموحات اردوغان ؟ وهل هناك اتفاق مخفٍ بين إقليم كردستان والأتراك ؟ وهل أرادت تركيا بهذا الاتفاق إن تنهي كل ما تعانيه من مشكلات وأزمات داخلية، والبدء بصفحة جديدة مع شعبها ؟ للإجابة عن هذه التساؤلات لا بدّ من النظر إلى إن تركيا تطمح إلى أبعد من هذا، وإنها لا تريد إخماد النار بقدر ما تريد إشعال أزمة جديدة، وخلق قوة موقفية مبنية على أساس الاقتضاء والموقف، الذي يتجاوز القوة ذات المفهوم الأحادي إلى المفهوم الثنائي الذي يزاوج بين الناعمة والصلبة ليشكل في النهاية قوة ذكية تتملّك زمام التفرّد والتحكم في التغيير، ليس فقط في الواقعية العراقية بل في عموم المنطقة وما تعانيه في هذه المرحلة من تغيّرات جوهرية واضحة الملامح في التدخل من جهة وإيجاد مبررات له من جهة أخرى، مثلما يحدث الآن في سوريا، لذلك وحتى لا يقع أمن العراق في هذا المنزلق، عليه إن لا يكتفي برفض وزارة الخارجية، لهذا التواجد لحزب العمال الكردستاني والإدانة والاستنكار من قبل السياسيين العراقيين له، بل عليه إن يكون الرد حاسماً وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار حاسم لهذا التمادي، الذي يمثل عملية تدجيل لقوات أوجلان ليس لها أول ولا آخر في العراق والتي اعتبرت في يوم ما قوات إرهابية، لتنقلب المعادلة إلى ترغيب التواجد القائم على أساليب وحيل السياسة ليكون المستفيد الأول أنقرة على حساب المتضرر العراق وأراضيه التي كما يبدو أصبحت تدار بصفقات داخلية وخارجية في آن واحد، لتحقيق مرغبات مرحلية وإستراتيجية على المدى البعيد، مستبطنين انشغال الساسة العراقيين بأزمات متكررة ليأتي هذا الانسحاب بشكل مؤقت لمرحلة جديدة دائمة لا يعلمها إلى الله جل جلاله.
نلقاكم ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق