الثلاثاء، 14 مايو 2013

المذيع المناسب في البرنامج المناسب


تحاول قناة العراقية مشكورة تنويع برامجها لتغطي أكثر اهتمامات المجتمع، ولديها في هذا برامج كثيرة منها ما يهتم بالثقافة والعلم والتربية والمدارس.
من هذه البرامج (مسابقات المدارس) الذي تتنافس فيه المدارس ومديريات التربية بطريقة جميلة لاثبات التفوق والتميّز العلمي.
غير ان هناك ما يعكر صفو متابعة هذا البرنامج بسبب كلاسيكيته وتمسكه بأسلوب العرض بطريقة (مذيع + مذيعة + ورقة يد تحوي السؤال وجوابه)، ومع احترامي الشديد لمقدمي البرنامج إلا إنهما ليسا بمستوى يقنع المتلقي.
الذنب لا يقع عليهما فهما مقحمان بطريقة تخسرهما الانتشار والنجومية اللذين يطمح اليهما مقدمو البرامج التلفزيونية وتهدد مستقبلهما المهني.
هذا الموضوع يذكرني بمقدم برنامج مسابقات في قناة الشباب أيام صدام، فالرجل أحرج نفسه مراراً برغم انه معد لبرنامجه الذي لاقى رواجاً جيداً آنذاك (ليس لجودته ولكن لانه يقدّم جوائز مثل مسجل راديو وهاتف أرضي، كانت تعد ثمينة بسبب أيام قحط الحصار، فضلا عن عدم وجود ستلايت أو قنوات متعددة).
الرجل كان يضع أمامه شاشة حاسوب يظهر فيها السؤال والجواب، وكان يقرّع المتصلين لجهلهم ويبكي على انحدار الثقافة.. مع ان كثيراً من الأسئلة كانت صعبة ولا تقع ضمن عنوان الثقافة العامة (خوفاً على ما يبدو من اهدار أكثر من جائزة في الحلقة الواحدة!).. وكان يبادر المتصل دائما بـ(خطأ) بلغة الواثق ولا يعطي مجالاً للمشترك ليقول أي شيء أو يعرف الإجابة لتبقى سراً على خلاف الهدف المرتجى من البرنامج.
في إحدى المرات اتصل مثقف حقيقي (وهو من كان يريده مقدم البرنامج) وأجاب عن السؤال المطروح حول الطريق الذي كان يستخدم قبل شق قناة السويس فأجاب بإنه (كاب اوف كود هوب) معتقداً ان المقدم ستنبسط هيئته الجامدة، ويفرح لهذا المستوى من الثقافة، لكنه صُدم عندما قال المقدم: (خطأ)، فالحَََّ المتصل مستغرباً: كيف خطأ؟!، فلم يعطهِ المقدم مجالاً للمناقشة لانه لا يملك غير ما مكتوب أمامه، الى ان تدخل مخرج البرنامج وحسم الأمر بان الجواب صحيح ودقيق، لكن المقدم يجهل ان (كاب اوف كود هوب) هي نفسها (رأس الرجاء الصالح).
ما أريد قوله اننا يجب ان نضع الشخص المناسب في المكان المناسب وخاصة في مثل تلك البرامج، ليكون مقنعاً للمتسابقين من جهة وللمشاهدين من جهة أخرى، بمعنى ان لا يكون ببغاءً يردد ما يلقنه عبر شاشة الحاسوب أو الورق الذي يمسكه، ويعجز عن معالجة أي خلل عند وقوعه لانه لا يملك الأهلية.
برنامج سباق المدارس جيد ومهم ولكنه يحتاج إلى مزيد من الترتيب مثل وضع لجنة من أفضل المشرفين الاختصاص في المناهج الدراسية والثقافة العامة ولديهم القابلية واللباقة لإدارة برنامج تلفزيوني، تتولى وضع الأسئلة وتتحف المشاركين والمشاهدين بمعلومات اضافية تنم عن المعرفة والاحاطة وتحقق أقصى غاية من الاشباع العلمي والثقافي.. فضلا عن اضافة فقرات منوعة تحقق شعبية ومتابعة أكبر.
إذن فهكذا برنامج ليس في حاجة إلى مذيع ومذيعة (ديكور) لمجرد قراءة السؤال والإجابة.. فهل يجوز مثلا ان نضع مذيعاً (قارئ لنشرة الأخبار) في ندوة حوارية في أي مجال كان (سياسي، اقتصادي، ثقافي، علمي...) ونضع له الأسئلة ثم نتركه على الهواء.. بالتأكيد سيكون عرضة للسخرية وسيكون البرنامج فاشلاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق