السبت، 18 مايو 2013

حــرب قــذرة


المشاهد المؤلمة التي تنقلها كاميرات الهواتف المحمولة والانترنت عن الجرائم الموغلة في الوحشية ، التي ترتكب في سوريا ، فاقت في بشاعتها كل الحدود وجعلت الجميع يتساءلون عن سبب هذا الانفلات ، وسبب هذا الحقد وهذه الوحشية ، والدافع وراء اصرار البعض على ارتكاب هذه الجرائم ، التي لم تشهدها حروب التحرير ، ولا حتى الحروب الاهلية ، ولا جرائم التطهير العرقي في البوسنة والهرسك ورواندا وبرودني ، ولا جرائم الدكتاتوريين الفاشيين في دول اميركا الجنوبية.
خطورة هذه الجرائم البشعة ، والتي لا يقوى على رؤيتها أحد “ انها لا تصور خلسة، لكن المقاتلين يفخرون بها، وكثيرا ما يتحدثون الى الكاميرا التي تصورهم “ كما تنقل وكالة رويترز “ ..فهذا قيادي معارض يدعى ابو سقار يظهر في الفيديو وهو يأكل قلب جندي قتيل، ويتحدث الى الكاميرا: نقسم بالله سوف نأكل من قلوبكم واكبادكم.. وسط هتافات تأييد من حضور حوله، وابو سقار هذا من المؤسسين لكتيبة الفاروق وهي احدى الوحدات الرئيسة لقوات المعارضة، ولقطة أخرى بثت على الانترنت.. اظهرت أحد مقاتلي المعارضة وهو يمسك برأس احد مؤيدي الاسد، وراح يشويه على النار..!! ثم ينظر للكاميرا بثقة وينزع خصلة من شعره، ولقطة أخرى يظهر فيها فتى يقطع رأس سجين ، ويبتر أخر الاعضاء الجنسية لقتيل ..الخ” الدستور 16الشهر الجاري...!!
يضاف الى هذه اللقطات ما تعرضه مواقع الانترنت، من محاكمات صورية واعدامات لجنود وضباط اسرى ، تقوم بها جبهة النصرة ، حيث جرى مؤخرا اعدام اربعة ضباط، وما نشر عن اغتصاب مذيعة في قناة الجزيرة على يد المجاهدين ..!! وانتشار “نكاح المجاهدة “ والذي اعترف بوجوده مفتى الديار التونسية ، حينما دعا الشعب التونسي والحكومة التونسية الى اتخاذ الاجراءات الرادعة لمنع سفر التونسيات الى سوريا.
هذه المشاهد لا تثير الخوف والهلع فحسب ، كما يقول رينود ليندرز الاستاذ المختص في دراسة الحروب في “كينز كوليدج” بلندن بل “تؤشر على ازدراء وامتهان انسانية الخصم” .. في حين يرجع نديم خوري الباحث في “هيون رايس ووتش” أسباب هذه الوحشية “بان الطرفين يتصرفان وكأنهما يواجهان تهديدا وجوديا”. المصدر السابق.
ويرجح خوري أن هذه الجرائم مرشحة للاستمرار، لعدم وجود رادع حقيقي لمرتكبيها ، في ظل الصمت الدولي المريب.
ان الثورة اية ثورة تنطلق لتخليص الناس من الظلم والقهر والاستعباد والاستلاب والعبودية ، وتحرص- وهي تخوض النضال والكفاح والمقاومة- ان تقدم المثال والقدوة في التراحم والانسانية والبعد عن الحقد، والسقوط في مستنقع الانتقام.
نلسون مانديلا الثائر الافريقي الاممي العظيم، رفض منطق الثأر والانتقام ، ردا على جرائم التمييز العنصري،التي قارفها البيض، ولم يسجل التاريخ لها مثيلا في بشاعتها، واطلق “العفو والتسامح” لبناء جنوب افريقيا الحديثة، وهذا النهج هو الذي خلد جيفارا وكاسترو وهوشي منه، وجعل فلسطين هوية نضالية لاحرار العالم ، اذ لم يسجل على كافة الثورات العربية ان لجأت الى القتل والتمثيل كما يجري اليوم في سوريا الشقيقة.
باختصار..... الجرائم البشعة تهدف الى تعطيل الحلول السلمية ، وتدمير النسيج الاجتماعي، وتدفع بالقطر الشقيق والمنطقة كلها، الى حروب وثارات لا تنتهي.
والله المنقذ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق