الاثنين، 13 مايو 2013

انقاذ ليبيا


بعد أكثر من عام ونصف العام على الإطاحة بالنظام الليبي السابق، مازالت ليبيا غارقة في الفوضى وتواجه مستقبلاً مظلماً في ظل تسيّد الميليشيات وطغيانها على المشهد العام .
قبل أيام أقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، قانون العزل السياسي، الذي يقصي كل من عمل مع نظام العقيد الراحل معمّر القذّافي عن الحياة السياسية، المهم في الأمر ليس إقرار القانون وإنما الطريقة التي أقر بها، حيث أتى ذلك تحت تهديد السلاح بعد محاصرة مسلحين لمقري وزارتي الخارجية والعدل مطالبين بإقرار القانون و”تطهير” مؤسسات الدولة من “أزلام النظام السابق”، وهذا يدلل على سوداوية المشهد الذي تعيشه البلاد، كما يأتي بعد محاصرة المؤتمر الوطني العام نفسه وإطلاق النار عليه واقتحامه من قبل الميليشيات، إضافة لاستهداف مبرمج لمؤسسات الدولة .
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل واصل المسلحون حصار الوزارتين رافعين سقف مطالبهم إلى رحيل رئيس الوزراء علي زيدان متهمين إياه بـ”التعاطف” مع النظام السابق، ما دفع زيدان إلى محاولة إسكاتهم بالإعلان عن تعديل وزاري قريب يقصي المحسوبين على النظام السابق عن الحكومة .
وبرغم كل ذلك مازال الحصار مستمراً، لكن الأخطر في الأمر هو ما يلوح في الأفق من مواجهة مسلحة في العاصمة طرابلس بعد تلويح ميليشيات ثورية من شرق البلاد بالزحف نحو طرابلس لفك حصار الوزارتين بالقوة، ما يفتح الباب أمام تحويل العاصمة إلى ساحة حرب حقيقية في ظل امتلاك الميليشيات لأسلحة وعتاد تفوق تطوراً ما تملكه الدولة ذاتها، ما يعيد المشهد إلى ما بعد الإطاحة بنظام القذافي وما شهدته البلاد من اقتتال استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة وحصد مئات القتلى. أضف إلى ذلك أن نجاح المسلحين في فرض مطالبهم بالتأكيد سيدفعهم إلى الذهاب إلى أبعد حد وسيقوي شوكتهم ويفضي إلى وضع كارثي .
تحذير زيدان قبل فترة من وضع بلاده تحت البند السابع وفرض الوصاية الدولية عليها لم يأتِ من فراغ مع تتبع المسار الذي سلكته البلاد بعد أكتوبر/ تشرين الأول العام قبل الماضي، إذ يطغى العنف على المشهد العام، فمن صراع بين الميليشيات، إلى سيطرة على مقرات ومؤسسات تابعة للدولة، وقتل السفير الأمريكي بعد مهاجمة القنصلية الأمريكية في بنغازي، وتفجير السفارة الفرنسية في طرابلس، ثم الاغتيالات السياسية وتصفية الحسابات واستهداف المقرات الأمنية، وصولاً إلى التوتر الحالي الذي يخيّم على طرابلس.
هذه وصفة يسيل لها لعاب الغرب الإمبريالي للتذرّع بالحرص على البلاد ومساعدتها على الخروج من مأزقها لاستقدام وحدات عسكرية غربية ونشر الأساطيل الحربية في السواحل كمقدمة لاحتلالها وتسخير خيراتها لصالح القوى الاستعمارية .
لتجاوز هذا المشهد ينبغي إنهاء المظاهر الميليشياوية في ليبيا ككل، ويكون ذلك بتحرك الدولة لفرض هيبتها وفرض سيادة القانون، ودمج العناصر المسلّحة في الجيش والقوى الأمنية، ولا ينبغي تجاهل أن ليبيا في هذه الظروف أحوج ما تكون إلى مصالحة وطنية حقيقية بين جميع مكونات المجتمع، يتبعها إشراك جميع القوى والأحزاب والفعاليات المجتمعية في إدارة شؤون البلاد للعمل معاً على وضع البلاد على بر الأمان.
مقالات للكاتب بركات شلاتوة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق