الخميس، 1 ديسمبر 2016

فقدان الأعظم (ص)



~بمثل هذا الايام فقدت البشرية قائدها الفذ والرسول الهادي الذي أنار حياتها بالخلق الأعظم والعلم الممتد والاحسان الغامر والفضيلة المطهرة.. وقاد مسيرتها متجاوزةً حضيض الجاهلية لتتسنم قمة المجد راحلةً من حيث  كانت في وهدة التخلف وشدة الصراع وبشاعة الظلم ووأد البنات!! الى حيث أضحت متألقةً في آفاق العقيدة والارتباط بالله وإنصاف المظلوم وبلوغ العدل بالتعامل مع الناس.. روي أن أعرابيا سأل الامام علي (ع).. عدد لنا أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. فقال له الامام علي (ع) هل تعرف العد؟ قال : نعم فقال عليه السلام: عد لي متاع الدنيا!! فقال الأعرابي: متاع الدنيا لا يُعد فقال الامام (ع): "عجزت عن عد القليل" والله يقول: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ) وطلبت عد العظيم والله تعالى يقول: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ .. هذا ما قاله علي العظمة بحق الرسول الأعظم فما بال ما يقوله باقي الناس..
يا عظمةَ الخلق بما جسّدت من التسامح وأنت تعفو عن الذين اساؤوا اليك في مكة قبل الفتح حتى تتجاوز عنهم جميعاً وشعارك: "من دخل بيت الله فهو آمن ومن دخل بيت ابي سفيان فهو آمن" وأطلقتَ شعارَ التسامح يوم الفتح "اذهبوا أنتم الطلقاء".. وَيَا عظمةَ الخُلق وانت تصبر على أَذى لم يتعرّض له نبيٌّ قبلك!! وقولك "ما أوذي نبيٌّ مثلما أوذيت" وياعظمةَ التواضع وانت تجلس حيث ينتهي المجلس!!..  وعظمةَ العقل الذي "رأى ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".. وأنت تقول لأخيك علي "يا علي ما عرف الله الا انا وانت"..
وعظمة المنزلة تلك التي حظيت بأن يصلي اللهُ وملائكتُه عليه.. وعظمة السعة في الرحمة لكلِّ البشر }وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ{ لعالم الجن وعالم الانس.. وعظمةَ الارادة وانت تقول "لو تعلّقت همةُ أحدكم في الثريا لنالها".. وبشجاعتك التي يصفها يتيم الشجاعة الذي وصفته أنت "لا فتى إلّا علي لا سيف إلّا ذو الفقار" وهو يقول "كنّا اذا حمي بِنَا الوطيس نلوذ برسول الله"..
فما أعظمَ الخسارة بفقدك!! وما أوحش الطريق بغيابك!!
ها هي أمتك تتقطع بالابتعاد عنك أوصالاً!! ويعتصر قلوب محبيك الألم من فرط ما أوغل المنافقون من معاديك وهم يتخمون الاعلام من شعارات زائفة فيما يوجّهون خناجرهم المسمومة الى خواصر محبيك!!
سيدي قرأتَ زمنَ حاضرنا منذ زمنِ حاضرِك وانت تقول لمعاصريك "انتم أصحابي وأولئك أخواني!!" طوبى لمن آمن بك وصدّق برسالتك..
أيّ عاطفةٍ تعبّر عمّا في صدور محبيك  وهم في غليان مشاعرهم تجاهك!! وأي دموعٍ تشير بدقةٍ عما يعتلج بنفوسهم وهم بعميق حزنهم عليك..
"راياتٌ سوداء" تُرفع زيفاً باسمك المطهّر لتنشر القتل في أبناء أمتك بدل أن تحفظ حياتهم.. وتبث الرعب في أوساط محبِّيكَ.. بدل ان تنشر لواء الطمأنينة والامن والسلام.. وتحاول تشويه صورة رسالتك الناصعة!! بقتل طفلٍ رضيع وحرق حرّةٍ مغتصبة!!.. وتقطيع شابٍ ملائكي من محبيك!!.. وقتل شيخٍ وقور يبعث في ناظره الحياء!!..
كلماتُ الزيف التي تشوّه الحقائق وهي تطلق من على منابر المسلمين لتزرع الاحقاد في صدورهم!!.. وتبعث في الشذّاذ براكين الكراهية للإيغال بالجرائم وقد "تَرَكُوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بل "يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف" بل "يرون المعروف منكراً والمنكر معروفا" هذا يا مولاي بعض ما قرأتَه وحذّرتَ منه في سالف عصرك!!..
ليس غير التأسي فيك ما يعين أمّتك على تجاوز المحن واستنزال النصر واكتساب مرضاة الله تعالى.. ليس لأمتك غير الله غايةً وغيرك وأهل بيتك من شفعاء..

http://beladitoday.com/?iraq=%DD%DE%CF%C7%E4-%C7%E1%C3%DA%D9%E3-(%D5)&aa=news&id22=68467

    مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق