محاولة الكتابة عن الآثار فيها بعد فلسفي وتشخيص للوجود، يجعل المتلقي يعود إلى الفنون الصغيرة، رغم أنه لم تكن هناك فنون لا كبيرة ولا صغيرة، كون الفن لا يقتصر على الرسم أو النحت أو الخزف أو المسرح أو الفلم أو التصميم أو القطعة الموسيقية أو الشعر أو الرواية أو القصة كلها كبيرة، ولكن مرور الزمن عليها يؤكد الانسجام والجمال معاً، وسرعان ما نستيقظ على فنون بلاد الرافدين موضوع المقال لندخل في عالم الأزياء السومرية وما تحمل من فنون توفر لنا المتعة الدائمة من خلال انسجام الأثر مع الأزياء ليجعل من قيمة الجمال العملية الكلية والأخذ بمضمار جديد للفنون السومرية.
~محمد العبيدي
الآثار السومرية بصورتها الشمولية تتيح لنفسها فرصة الانتشار والخلود من خلال ارتباطاتها البيئية، التي تعطي لها صفة الخلود وهذا جعلها أكثر انتشارا وأدوم بقاء وبما إنها مرتبطة ارتباطا كليا في بنية العمل الفني (الأزياء) ولغة اتخذتها الكثير من التحليلات وسيلة للتعبير، وما نراه في بعض من أعمال أثرية موجودة في متاحف العالم، نرى أن هناك العديد من العناصر الفنية تتحرك بصورة كلية نحو العامل الجمالي، ووحدة الشكل في العمل النحتي أو الرسم الجداري بالآجر المزجج أو التماثيل النحتية، عكست مضامين وحدت وخلقت انسجاماً فيما بينها، كان فيها الأثر لوحده ناجحاً في الأداء والملاءمة هي الأخرى مع الأزياء كان نجاحها رهناً بقدر اقترابه من كمال الشخصية وانتشاره في المكان الذي يحويه، هذه العناصر التي عملت مع أزياء وملابس الفرد السومري مستمدة من بيئة المكان وحياته الإنسانية والاجتماعية وحتى الفردية منها التي تعمل في دائرة المعتقد الديني هي الأخرى كان الأثر واضحاً في تصميمية الأزياء السومرية. الفرد السومري يتجاوب كثيرا مع الفعاليات الاجتماعية وان كانت طقوسية وفرصة مناسبة لأداء الشعائر التي تستجيب للشخصية وتجعل الناس الآخرين يتقبلون ويتجاوبون مع حالة الحدث ليصل الزي السومري فرصة للتقليد ليس على مستوى التصميم فحسب وإنما تتداخل حتى الألوان وتراقي العامل النفسي والسيكولوجي لدى الإنسان في بلاد الرافدين، هذه الصورة الأمينة التي نقلت الآثار مع الأزياء لم تكن معدلة من قبل الفنان وإنما كانت بصورتها الواقعية أثناء أداء الفعالية الاجتماعية أو الطقوس والشعائر التي تمارس في المعبد، بدليل أن وحدة الشكل عندما تنتقل عبر التاريخ تبقى ثابتة، وتنتقل من مكان إلى آخر دون التلاعب فيها في أي مكان وأي زمان كانت، ولغرض تجاوز النظرة التاريخية على فنون الأزياء في سومر وارتباطات هذا الموضوع من الأفراد أنفسهم لابد من التطرق إلى العامل الفني الذي وجد له أرضية مهمة للاستناد في أن يجعل تلك الارتباطات هي الأخرى تعمل وفق قوانين النسب ولا يتركها مبعثرة، وكذلك عملية نقل الفنان في رسم لوحة أو عمل فخاري أو عمل نحتي هو الآخر اوجد أرضية مهمة عمل بها وفق قوانين النسب، ولان الأزياء تعمل وفق هذه المنظومة لابد من وجود فرص مهمة لتحقيق التقابل أو التماثل في كل الأعمال الفنية في بلاد النهرين وحتى الحربية منها، كانت للأزياء فرصة للوجود والتعبير وفق مستويات واقعها أو قيمتها المشتركة، الآلهة والملوك والكهنة وعامة الشعب كل هؤلاء يشتركون في تلك المنظومة ولكن بمستويات متدرجة، يرى الكاتب في كثير من الأحيان ومن خلال معايشتي للآثار وبما تحويه من عناصر غنية بالمعرفة والقراءات المختلفة في التحليل الفني، وحدة الشكل التي تظهر روعة الانسجام وخصوصاً إذا انتشرت بين عامة الناس ليروا الشعوب القديمة كيف كانت تأكل وتشرب وتلبس، كيف كانت الحياة الاجتماعية والإنسانية، هذا في اعتقادي يولد عاملاً مهماً هو التأمل في معرفة تغيير نمط الحياة كيف كان والاطلاع على هذا النمط يرفع من مستوى السلوك وبالتالي يغير من مفردات البيئة والوسط الاجتماعي ويرفع من المستوى الحضاري.
وللأزياء دور في كشف تلك الأنماط بالرغم من تعدد المستويات ولكن هذا لايمنع من أن تكون عملية الاستجابة فعالة، وهذا جعل للفن بعداً فلسفياً عندما تجاوز تلك المتدرجات ووحد النظر إلى الشكل الذي بدوره خلق الانسجام ووحّد النظرة العملية وبحث عن القيمة الجمالية من خلال توظيف فنون الأزياء ليتسع بها المحيط أكثر. وبما أن فنون الأزياء لها تأثير كبير في انتشار الفنون السومرية بالرغم من اختلاف تلك البنيات والعناصر التي كانت ليس في مستوى واحد من القيمة سواء القيمة التصميمية أو الفنية أو حتى التقنية الأدائية، وكذلك عملية التشابك والتفاوت كمّاً ونوعاً في التشخيص من خلال العمل الفني جعل الكاتب أن يلجأ إلى نوع آخر من التشخيص ويكون على مستوى متقارب من الفنون السومرية، والأزياء هي جزء من اكتمال العمل الفني الذي حدد قيمة كل عنصر من عناصر العمل الفني نفسه. وبالرغم من حصر العامل الجمالي للأزياء وقيام الفنان بنقل الصورة الواقعية، واستبدال النظرة المشخصة بالنظرة التجريدية، وقيمة العناصر الفنية بالرغم من التداخل الذي حصل نجد أن الأزياء في الفنون السومرية في مختلف أشكالها لها قيمة تحظى بها في كل مكان، وجيلاً بعد جيل واستمدت وتداخلت مع الفنون الأخرى، وفي نفس الوقت أوجدت لها خصوصية دائمة. وهكذا نجد الأثر الفني قيمته عالية يحظى بدراسات وتحليلات مختلفة وتطبق عليه مختلف المناهج البحثية والعلمية، ليقف مع الثوابت التي تصدر الأحكام للأجيال الجديدة.
http://beladitoday.com/?iraq=%C7%E1%C3%D2%ED%C7%C1-%C7%E1%D3%E6%E3%D1%ED%C9-...-%CE%E1%E6%CF-%C7%E1%C3%CB%D1-%C7%E1%DD%E4%ED&aa=news&id22=74506
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق