السبت، 17 ديسمبر 2016

قمة العطاء وقعر التنكر!!


~يشتبه من يراهن على انصاف الاخرين من الناس له بالمطلق حين يبذل أو يضحي من أجلهم!! فحتى ينسجم في داخله مع كل جهدٍ يبذله أو تضحية يقدم عليها ليس عليه الا الاكتفاء بما يرضي الله والضمير والبعض من المنصفين.. والذين راهنوا فيما قدّموا لبلدهم وشعبهم على الرد بالجميل خابت آمالهم وتبخّرت طموحاتهم وتوقّفت حركتهم بل تحوّلت الى حسرات.. المعطاء من يقدّم دون مقابل ويواصل وإن قوبل بالجفاء بل حتى اذا فوجئ بالعداء!! مراجعة مسيرة العظماء ممن حملوا ألوية الاصلاح تكشف عن أبلغ هذه الدروس التي ما خلت منها حُقَب الزمن بمختلف مراحل التاريخ.. لا يُشَكّ في قيمة مبادلة التضحية من قبل المتصدّين بما يعدله من الوفاء الذي تمنحه شعوبهم وما ينعكس على ثقافتهم ومشاعرهم وهو ما يُؤشّر على حياة الامة بل حيويتها.. ربما تصل التضحية بالانسان الى مستوى القمة وقد يواجه من قبل البعض بالجفاء بمستوى القعر!! وعندها سيمنى بخيبة أملٍ خانقة بسبب التفاوت بين ما كان يحلم وما مني به..
لا يعدل ما يبذله المضحي شهيداً كان أو معانياً من أجل شعبه شيئا ومن يجعل رضاء الناس سرّاً لحركته بحيث يتوقف بتوقفه سيتحسّر ألماً عند التنكر له..
أروع ما يجلّي عظمة المعطي هو عدم توقعه الرد بالجميل من أحد بل توقعّه التنكر لعطائه من كل أحد بذلك يرتقي على سلّم البذل باستمرار حتى يصل قمته ويضع في حسابه الاساءة المُحتملة من الاخرين!!..
غير أنَّ التعويل على ما يمنحه الاخرون وإن كان حقّاً له الا انه رهانٌ خاسر وتعليقٌ على مُفلَّس } لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ{.. وهي قاعدة عقلية لا يختلف عليها اثنان.. ان ما تكشفه تجارب الحياة هو ما أشارت اليه نصوص الدين الحنيف من طبيعة الانسان عموماً من أنه قد لا يرد الجميل بالجميل!!..
التعاطي الطبيعي أن يبادل الاحسان بالإحسان والاساءة بالعفو ما أمكنه اما التنكر وعدم الوفاء فهي مرفوضة بكل الاعتبارات وهي الإساءة بدلالتها الاخلاقية..
آية السمو هي البذل خصوصاً حين يبلغ قمة العطاء بكلِّ ما يملك وأعز ما يملك, وهو نفسه, ومن يقدم نفسه فقد بلغ ذروة العطاء وصدق الشاعر مسلم بن الوليد في قوله:
يَجُودُ بالنَّفْسِ إِنْ ضنَّ الجَوادُ بِها
                     والجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ.. ‬

http://beladitoday.com/?iraq=%DE%E3%C9-%C7%E1%DA%D8%C7%C1-%E6%DE%DA%D1-%C7%E1%CA%E4%DF%D1!!&aa=news&id22=69296


    مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق