محللون ومراقبون يعدّون ان تراجع واشنطن عن توجيه ضربة عسكرية لسوريا، والدخول في مباحثات مع ايران لحل ازمة الملف النووي، والتي يبدو انها على وشك الانفراج، وتوقيع اتفاق تاريخي، كل ذلك وأكثر منه يشي بتراجع الدور الاميركي في المنطقة.
لا شك ان الحدثين السابقين يشكلان بداية لمرحلة جديدة في السياسة الاميركية في المنطقة وفي العالم، وان هذه المرحلة لم تأتِ فجأة بل مهدت لها، وفرضتها احداث وتطورات خطيرة ابرزها: هزيمة أميركا المدوية في العراق وافغانستان، والتي ادت الى كساد اميركي خطير، ضرب “وول ستريت” ولا تزال تداعياته ماثلة في كل انحاء اميركا، والعالم ولم تنته بعد، وادت الى سقوط الاف القتلى من الجنود الاميركيين، اذ فقدت في العراق وحده نحو خمسة الاف جندي، واصابة الالاف، كثير منهم يعانون من اعاقات دائمة، ما اضطر واشنطن الى الانسحاب بعد ان عجزت عن تحقيق الانتصار الذي وعدت به الشعب الاميركي.
هذه الهزيمة أو بالاحرى الهزائم المتلاحقة في العراق وافغانستان، هي سبب فوز “اوباما” في الانتخابات، بعد ان تعهد بسحب الجيوش الاميركية من العراق وافغانستان، متعهدا بعدم شن حروب جديدة .
ومن هنا فالغاء العدوان على سوريا، لم يكن سوى تعبير حقيقي عن هذه السياسة الجديدة، والذي يعني ايضا ان واشنطن مكبلة باوضاع اقتصادية صعبة، علاوة على وصولها الى قناعة بان نتيجة هذه الحرب غير مضمونة، وان تداعياتها الخطيرة ستصل الى اقرب حلفائها وبالذات اسرائيل.
وفي السياق نفسه.. فان التوجه الاميركي الى الشرق، حيث الصين والهند اصبحتا تمثلان الثقل الاقتصادي العالمي ولعقود قادمة، يعد أمراً حتمياً في ظل الثورة الاقتصادية - التكنولوجية، التي تشهدها الهند الصينية، والعوامل الذاتية والموضوعية التي تؤهلها لتصبح مركز الثقل العالمي خلال السنوات المقبلة.
وبوضع النقاط على الحروف... فان التوجه الاميركي الى الشرق، والذي اصبح حتميا لا يعني باي حال من الاحوال انسحابها من الشرق الأوسط ... فالعاملان الرئيسان اللذان يحكمان استراتيجية واشنطن ومنذ مدة طويلة، ونعني السيطرة على النفط انتاجا وتسويقا، وضمان بقاء اسرائيل كأقوى دولة في المنطقة، لا بل واقوى من الدول العربية مجتمعة، لا يزالان يحتمان بقاءها في المنطقة، وعدم انسحابها منها. لاهميتها الاستراتيجية، مادام النفط العربي مرشحا للبقاء سنوات طوال ولن ينضب في المدى المنظور، وما دام الصراع العربي- الصهيوني هو صراع وجود وليس صراع حدود، كما حاول ان يروج البعض من قصيري النظر.
باختصار.... واشنطن لن تنسحب من المنطقة، برغم تراجع دورها ظاهريا، وستبقى ممسكة بجميع الخيوط، ما دام النفط يتدفق في شرايين الحضارة الغربية، وما دامت حريصة على بقاء اسرائيل شرطيّ المنطقة.
مقالات للكاتب رشيد حسن
- لا عداوة دائمة ..- قلب الطاولة في وجه إسـرائيل
- ماذا أنتم فاعلون ؟؟
- مقاضاة بريطانيا
- هل يعقد مؤتمر
- الـحــــروب الـقـــــذرة ..!!
http://beladitoday.com/?iraq=%E5%DC%E1-%CA%DC%D1%C7%CC%DC%DC%DA-%C7%E1%DC%DC%CF%E6%D1-%C7%E1%C3%E3%ED%DC%D1%DF%DC%ED-%BF&aa=news&id22=19130
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق