الأحد، 22 يناير 2017

كوريا في أول زيارة


~هذا هو الفرق بين أثينا وسبارتا، زيارة الاولى تتجه للبناء والثانية تتجه للحرب، نهر "الهان" يقسم العاصمة سيؤول الى "هَنَّم" و"كـنَّم" بل أنشأهما منذ زمنٍ بعيد على ضفتيه وأمدهما على طول التاريخ كشريان حياة بالبناء والأدب والفن والتجدّد، ما جعل العاصمة تبتسم رغم ما واجهت من تحديات..
الانحناءة الكورية المتميّزة لدى المواطن الكوري عند الاستقبال والتوديع التي تطبع شخصيته وكأنها ركوعٌ بلا عبادة وانما "ركوع حبٍّ واحترام وتواضع" تسلب إعجاب الوافد الى بلدهم، ولا تشبهها الا انحناءات اليابانيين والصينيين مما يؤشر الى أصول اخلاقية مشتركة..
تمتاز خلية النحل بالنشاط الدؤوب وتوزّع الادوار وهيمنة المَلِكة، ما يذكّر بمَمْلكة النحل في كلِّ نشاط مشابه، هذا ما عليها مجتمعيات كوريا والصين واليابان انها مجتمعات لا تعرف للكسل ولا التواني عن المثابرة أو التواصل معنى، ومسابقة الزمن والتفكير بالانتاج النوعي، والنظر بعيون ملتصقة بالمستقبل، وهي تنطوي على إرادة جادة تلتقي عليها الشرائح الاجتماعيةالمختلفة.. من يسمع بسيئول غير من يراها انها بكلمات: تاريخ حضارة، وعَصب اقتصاد، وبركان طموح، وخزين قيم وذاكرة أحداث، اختلطت فيها الإنجازات بالمواجع ولئن أحاطتها الجبال من كل جوانبها فقد أضفت عليها حلّةً جميلةً قفزت بها الى أعالي العواصم المشهورة.. والذي جعل دول العالم تهتم بمستوى تمثيلها الدبلوماسي من خلال اختيار السفراء .. وهو ما كشفه لقائي السادة السفراء العرب الذي اعتدت التعاطي معه في كل العواصم التي زرتها وما أصبغ على اللقاء من ألوان الأحاديث والأخبار حول الأمن والتحدي الإرهابي!! مضافاً الى الثقافة والشعر ودور السياسة..  كان لهم قصب السبق بالمبادرة  الكاشفة عن الحرص لمعرفة حقيقة ما يجري بالعراق وكان لي شرف الاستجابة، زيادةً على ما استهدفتُ من جعلهم في صورة الأحداث التي تجري بالعراق من انتصارات رائعة صنعتها سواعد الأبطال وخطّتها أناملهم بدماء شهدائنا من الجيش العراقي والحشد الشعبي والپيشمركة وقوات مكافحة الاٍرهاب وأبناء العشائر..
الاقتصاد بصمةٌ طبعت احاديث من التقيتهم حتى الان مؤسسة"كويكا" للإنماء والمساعدات الدولية والتابعة لوزارة الخارجية، التقيت رئيس الوزراء النائب الاول لرئيس البرلمان ووزير الارض والبنى التحتية والشركات الكورية المتواجدة بالعراق ووزير الخارجية وجرى التوقيع على مذكرة التفاهم بين معهدي الخدمة الخارجية في البلدين أعقبه دعوة عشاء تخللتها احاديث سياسية متنوعة وإكمال المباحثات..
كما أجريت مقابلات إعلامية مع MBC وشبكة الاعلام الكورية الرسمية وقناة آري رانك التلفزيونية ووكالة يونهاب الكورية..
تراهم يفخرون بما وصلوا اليه من جودة المصنوع الكوري من دون غرور..
التنافس الثلاثي الياباني الصيني الكوري وما وقع بينها من حروب لم يسلبها المشتركات المدنيّة بالبناء كالبيت الأزرق "عنوان سكن" وهو القصر الرئاسي والبيت الكوري مثلما هو البيت الصيني والياباني وكذا الصناعات المتنوعة والاهتمام كالمشتركات الحضارية من الاهتمام بالتاريخ الى الاهتمام بالاسرة واحترام المرأة ورعاية الطفل وتوقير الأبوين والتواضع غير المتكلف وهو ديدن الواثقين بأنفسهم..
 كان لقائي جميلاً بأهلي الاحبة من العراقيين في ندوة اختلط فيها الهم الوطني بهمومهم الشخصية المشروعة.. لم أكن أتصور أن يكون مترجمي للخطابات معجوناً من طينتين الأم العراقية والأب الكوري ما يؤكد صغر العالم على سعته واختزاله الانساني رغم تعدّده..
يومان غير كافيين لقطع مسافة تخللتها لقاءات مع كبار مسؤولي الدولة وتناول ملفات على أعلى درجات الأهمية والتوسع بلقاءات إعلامية وشخصيات عراقية.. تبقى حقيقة "ما لا يُدْرَك كُلُّه لا يُتْرَك كُلُّه"
تخفّف عليّ ما فات مهما كان كبيراً وتستحثّني بالاعتزاز بما أخذت ولو بدى صغيراً.. ستكون هذه السفرة باكورةً لسفرةٍ مزمعة آمل أن أحققها في المستقبل..
كان لا بد لي أن أتحدّث -كعادتي- باعتزاز عن العراق وما قدّم في تاريخه وما يقدم في حاضره على كلّ ما يواجه من تحدّيات لكنّي لم أكتم طموحي الجامح لاستعادة موقعه الريادي بأقرب وقت"وَمَا ذلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ"..

http://beladitoday.com/?iraq=-%DF%E6%D1%ED%C7-%DD%ED-%C3%E6%E1-%D2%ED%C7%D1%C9&aa=news&id22=71403

    
مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق