~كُنتُ في مقهى بإسطنبول، وكان يعرض أفلام «شارلي شابلن» باستمرار على
شاشته الكبيرة، وتساءلتْ لماذا كان شارلي شابلن يضحكنا كثيراً في أفلامهِ
الصامتة؟ لكنّهُ حين كبر، وكان أكثر نضجاً وفلسفة، لم يعد يمتعنا، ولم
نستطع نحن أن نتقبله بشكلهِ الجديد، وتمثيله الجديد، حتى أفلامه القديمة
حين نراها الآن بالكاد تنتزع بسمة يتيمة، وكانت في الأيام الخوالي تخرج
الضحكة مجلجلة لمجرد ظهور ذلك الممثل ببدلته المهلهلة، وحذائه الكبير
وقبعته وعصاته، وحركة الفيلم السريعة. والشيء نفسَهُ يحدث حين نشاهد سلسلة
أفلام إسماعيل ياسين، لقد كانت حركات وجهه، وكلامه، والمواقف التي يتعرض
لها تجعل خواصرنا تهتز، ونظل نضحك حتى لو رأينا الفيلم أكثر من مرّة، اليوم
حين نشاهد نفس هذه الأفلام نجد أكثرها غير مسلٍ وساذجاً ومملاً، ونتعجب
كيف كنا نضحك في تلك الأيام الخوالي حتى تغرورق عيوننا بالدمع، و«سُمعه»
كان في يوم من الأيام مسلياً ومضحكاً، أما اليوم فنجده مملاً، وتمثيله
مبالغاً فيه، وحركاته في غاية السذاجة، ولا تضحك إلا الأطفال المحرومين من
أدوات التسلية، والمجبرين على مشاهدة شاشة غير ملونة.
دريد لحام كنا نضحك له زماناً حين يظهر في أي مشهد، وتفرحنا مقالبه الكثيرة، ونتعاطف مع شخصيته الشعبية «غوار» حتى غطت على اسمه، وكادتْ تأسره في ثوبها وقبقابها وطربوشها، لولا أنَه تنبه لها وقبرها، وحاول أنْ ينفذَ بجلده في مسلسلاتٍ وأفلامٍ جديدة، ومسرحيات في غايةِ البكاء السياسي مع رفيقه الشاعر محمد الماغوط، لكن الناسَ لم يتقبلوه إلا في المسرحيات الناجحة، أما المسلسلاتُ الجديدةُ رغمَ أنّها كنص أفضل، لكنها كانت ثقيلة على معدة الناس، وغوار الجديد لم يستطع أن ينتزعَ ضحكة من محبيهِ السابقين، نعودُ إلى مسلسلاتهِ القديمة بالأبيض والأسود، اليوم حين نراها من جديد، تبدو المشاهد فيها أشبه ما تكون بالمسخرة والبلاهة والسذاجة والتكرار الممل، لم يبقَ في الذاكرةِ إلا مسرح الشوك.
هل تغيرنا نحن أم أنّ الزمنَ غير تفكيرنا؟! هل أضافت الحياة على مخيلتنا أشياء جديدة وعميقة؟ أم أنّ الحياةَ تعقدتْ أمورها، وأصبحتْ قاسيةً لا تسمح بضحكةٍ من القلب وابتسامة من الخاطر؟! أم أنّ نظرتنا للأمور، والحكم عليها تبدلتْ بحكم التقدم في العمر، وتثقيف الحالات، ومحاولة الرقي بها؟ هل أصبحنا أكثر قسوة تجاه البراءة والطفولة؟ وأكثر حزماً تجاه أنفسنا الصغيرة المنطلقة؟ أم أننا رأينا الكثير، والكثير من الأشياء، مما أصبح أي شيء، لا يعني شيئاً في حياتنا الجديدة؟.
دريد لحام كنا نضحك له زماناً حين يظهر في أي مشهد، وتفرحنا مقالبه الكثيرة، ونتعاطف مع شخصيته الشعبية «غوار» حتى غطت على اسمه، وكادتْ تأسره في ثوبها وقبقابها وطربوشها، لولا أنَه تنبه لها وقبرها، وحاول أنْ ينفذَ بجلده في مسلسلاتٍ وأفلامٍ جديدة، ومسرحيات في غايةِ البكاء السياسي مع رفيقه الشاعر محمد الماغوط، لكن الناسَ لم يتقبلوه إلا في المسرحيات الناجحة، أما المسلسلاتُ الجديدةُ رغمَ أنّها كنص أفضل، لكنها كانت ثقيلة على معدة الناس، وغوار الجديد لم يستطع أن ينتزعَ ضحكة من محبيهِ السابقين، نعودُ إلى مسلسلاتهِ القديمة بالأبيض والأسود، اليوم حين نراها من جديد، تبدو المشاهد فيها أشبه ما تكون بالمسخرة والبلاهة والسذاجة والتكرار الممل، لم يبقَ في الذاكرةِ إلا مسرح الشوك.
هل تغيرنا نحن أم أنّ الزمنَ غير تفكيرنا؟! هل أضافت الحياة على مخيلتنا أشياء جديدة وعميقة؟ أم أنّ الحياةَ تعقدتْ أمورها، وأصبحتْ قاسيةً لا تسمح بضحكةٍ من القلب وابتسامة من الخاطر؟! أم أنّ نظرتنا للأمور، والحكم عليها تبدلتْ بحكم التقدم في العمر، وتثقيف الحالات، ومحاولة الرقي بها؟ هل أصبحنا أكثر قسوة تجاه البراءة والطفولة؟ وأكثر حزماً تجاه أنفسنا الصغيرة المنطلقة؟ أم أننا رأينا الكثير، والكثير من الأشياء، مما أصبح أي شيء، لا يعني شيئاً في حياتنا الجديدة؟.
مقالات للكاتب ناصر الظاهري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق