الثلاثاء، 23 مايو 2017

د . إبراهيم الجعفري || من المتعلم ؟

المتعلم الذي يعرف انه جاهل بالكثير مما يدور حوله في نفس الوقت الذي يملك شجاعة الاعتراف بما يجهل فتستبد به الغريزة الفطرية "حبّ الاستطلاع" وتدفعه للبحث وبشكل مستديم عن أجوبة الأسئلة الملحة في كلّ ما يواجهه في مجالات الحياة بدءاً من مفردات عالمه الشخصي مروراً بعوالمه: العائلي والاجتماعي والتاريخي والمستقبلي وانتهاءً بكل المفردات التي تتواجد في دائرة اهتماماته من علومٍ انسانية أو طبيعية.. وكما لا يقف العلم عند حد لا ينبغي للمتعلم ان يقف عند مستوى علمي معين لا يقتصر على مرحلة عمر محددة.. 
صحيح انه لا يُراد من كل شخص ان يكون محيطاً بكل الاختصاصات لكنّ انسانَ اليوم لا يمكن ان يجمّدَ عقلَه على علمٍ دون اخر ولا يحتبس في مجالٍ على حساب باقي المجالات.. 
فالمتعلم إذن من يعي حاجاته للمعلومات التي تدخل في صميم بنائه الشخصي على الصُعُد كافة.. ويعي بنفس الوقت مصادر العطاء العلمي التي تتميز بالدقة والواقعية والانصاف كما لا بد ان يتمتع بجدية عالية من الأخذ والمثابرة على التطبيق فلا ينبغي ان يكون العلمُ من اجل العلمِ بل لا بد أن يكون العلمُ من اجل العملِ فإنّ "شرفَ العلم من شرفِ العمل" كما أن ميادينَ العمل هي أفضل مدارس التعليم.. والمنفتح على تجارب الامم في التاريخ والحاضر سيلمس لمسَ اليد "القيمة المركبة" من التنظير العلمي والتجربة التطبيقية فقراءةُ الْكِتَابِ غيرُ تلمّسِ ما في التجربة من تجسيد لما يثبّت صحّتها من خطئها وإمكانية تطبيقها من عدمها.. 
من ينظر بنور الله وبصيرة الباحث عن الحقيقة غير الناظر للعلم على انه ترفٌ ثقافي يزيّن به كلامه حين يتحدّث ويردّ الاخرين اذا ما خوصم، مثل هذه السجالات لا تصلح ان تكون مدعاةً للتعلم فَحَرَمُ العلم يستلزم التزوّد منه والتوافر على ارادة الاكتساب للبحث عن الحقيقة وبذل أقصى درجات الجد بالتطبيق ما يحسس صاحبها بقيمة ما هو عليه وضرورة التواصل بالاخذ وهو ما يعني مهما زاد علمه زادت حاجته الى التعلّمِ وما يجهله من العلم يشغله عمّا يعرفه وهذا ما يضفي عليه تواضعاً غير متكلّف لمن أعلم منه لمزيد من الأخذ وثقةً عالية بعيدة عن الغرور لمن أقلَّ منه علماً ولن يتردد بالتعلّم من أي معطٍٍ علمي مهما كان عمره أو شأنه.. 
حين نتمتع بتواضع التعلّمِ كمتلقّين سنجد كلَّ شيء من حولنا معطىً علمياً وبمقدار تواضعنا للأخذ يكون حجمُ انسياب العلم لنا بالعطاء.. }أَنَزلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا{.. 
سنبقى طلّاباً للحقيقة ما دامت أكبر منّا شأناً وأوسع من عمرنا حجماً وسيبقى الاخرون معلّمين ما دامو حملةً أمناء لها وجديرين بتجسيدها..
http://beladitoday.com/new/onenews.php?id=2285

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق