الأحد، 3 أبريل 2016

د . إبراهيم الجعفري أجواء الأزمة وواقع الانفراج


~الأزمة من الضيق والشدة وكثيراً ما تتجلى في الحقول الاقتصادية أو السياسية أو الامنية أو الاجتماعية أو العائلية أو.. وهي وما أن تتمظهر على شكل أزمة إلا وتترك آثارها ومخلفاتها على الأطراف المعنية بها بدرجات متفاوتة وتدفعهم باتجاه الحل مهما كلّف الثمن.. والناظر لمسار التفاعل قبل وأثناء وبعد كلِّ أزمة يجده ذا منحى حاد يختلف تماماً عن مسار أي مشكلة في الظروف الاعتيادية.. وهو ما يتطلب جهداً استثنائياً للإحاطة بها من حيثُ أسبابُها وأطرافُها ودرجةُ خطورتِها وخياراتُ حلّها وتوزيعُ الأدوار للتعاون على الحل وتوقيتاتُ التنفيذ.. لتحديد نقطة الشروع المناسبة وقبل كلِّ شيء تحشيد الطاقة المعنوية والمادية للصمود أمامها والاستعانة بالله تعالى على مواجهتها..
المأزوم لا يقوى على الحل طالما يفكر بعقل الأزمة لا بعقل الحل؛ وينفعل بنفسية التراجع لا بنفسية المراجعة والاقتحام ما يكون والحالة هذه أضعف من أن يقاومها فضلاً على أن يتغلَّب عليها..
لا بد من التسليم من أن الحياة حبلى بالابتلاءات والمحن } يا أَيُّهَا ٱلإنسَانُ إنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ { و أنّ الحلَّ لكل أزمة قرينُ الأزمة ذاتِها }فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً{.
" وهو ما يثبّت حقيقة أن الابتلاء سنّةُ الله وهي ماضيةٌ في خلقه شاءَ الانسان أم أبى.. فمن السهل أن تفتعل الأزمات  لتمضي باتجاه تعطيل الحياة العامة منتقلة من حقل لحقل لتشمل شرائح اجتماعية مختلفة ولكن بصعوبة يتم حلها بل الحد منها..
ما خلت أمم العالم في تاريخها من وجود الأزمات لكنها بنفس الوقت ومن أجل تجاوزها صبّت جلَّ اهتمامها ووظّفت خيرة أبنائها حتى تجتازها بنجاح.. وحين حقّقت مِثْلَ تلك الانتصارات الباهرة تكون قد انقذت ابناء جيلها المعاصر ووقت أجيالها اللاحقة بل قد تحوّلت الى مدرسة تاريخية لباقي الأمم..
اختلاف المعتقدات وتفاوت الوعي في كلِّ مجتمعات العالم لا يُلغي مساحة المشتركات الواسعة بينها ما يستدعي الانفتاح على تجاربها بغية الاستفادة من دروسها وتجنّب الوقوع بأخطائها..
فأوروبا اجتاحتها موجات من الحروب منذ القرن الخامس عشر وخلفت أعداداً هائلة من الضحايا وهدر كميات ضخمة من الثروات مما انعكس على ثقافتها وشعرها وفنّها.. لكنها عرفت كيف تجتاز امواج الأزمات بواقع حلول أرست من خلالها بُنى دولها على قواعد القانون واحترام حقوق الانسان والابتعاد عن شفى الحروب ومعالجة مسببات الفقر والمرض والظلم الاجتماعي مع ما عليها من ازدواج مقيت بينما أقامت في بلدانِها من التوافر على دعائم الخير وما نشرت في غيرها من بلدان العالم من ألوية الحروب وإشعال فتن الأزمات..
الأزمة في طريق كل شعب حقيقةٌ واقعة في مسارات الحياة المختلفة مما يتطلب المواجهة ومن موقع العروج المعنوي والتماس كلِّ السبل المادية لتلافي تداعياتها.. والتوافر على الانطلاقة الجديدة التي تقوى بالبناء وتواظب على الاستمرار.. 

http://beladitoday.com/?iraq=-%C3%CC%E6%C7%C1-%C7%E1%C3%D2%E3%C9-%E6%E6%C7%DE%DA-%C7%E1%C7%E4%DD%D1%C7%CC-&aa=news&id22=59174

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق