قصرُ شوطٍ في طريق إصلاح النفس هو شوطُ التحرّكِ من الصفر الى 1 % أما مواصلة الحركة على خطِّه الصاعد والتدرج في الارتقاء عليه بغية الوصول الى 100 % فهو تراكم ويحتاج الى مجرّدِ وقتٍ وإعمال إرادة..
الحركة من الصفر معناه من العدم الى الوجود وهي مفرق الطريق وعلامة الولادة.. وأما التوالي بالاستمرار فلا يعني انها عملية تراكمية تخلو من الجهد او مضمونة الاتجاه.. تبقى الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح رائدة الخطوات وحاملة البشائر.. الاقدام عليها يحتاج الى رؤية واضحة وقرار شجاع..
الذي اتخذ موقفاً بترك التدخين مثلاً كان الإقلاع عن السيجارة الاولى من قبل المدخن هو الخطوة النوعية التي كسر فيها طوق الضعف والاستسلام وشعر عندها بلذّة الانتصار على الذات وكلما مضى بالثبات كلما تكلل بالنصر أكثر فأكثر..
التهيّب من الاقدام يشكل حاجزاً وهمياً أمام الانسان بينما يقرِّر وما ينفِّذ.. ولو جرَّب في كلِّ ما اتخذ في حياته من قرارات أنه يمضي في الخطوة الاولى من التنفيذ على الطريق الصحيح لاكتشف روعة الارادة وقيمة التواصل.. وهو ما يكسبه احترام الذات من قبل نفسه والاخرين..
الوعي والارادة والتنفيذ ثلاثي يجعل صاحبها دائم الإقدام ودائب الحركة وواثق الخُطى.. ما أن يسلّط أشعّة وعيه على كلِّ شيء في داخله وما حوله إلا ويجد نفسه امام فرص اضطرادٍ مستمرة وحركةٍ لا تتوقف.. ما يهوّن عليه أنه يمضي في الطريق الصحيح وانه منسجمٌ بحركته بينما يدور في داخله وما يحيطه من حوله.. هذا الانسجام في سلوكه الذاتي مع سلوكه مع ربه والمجتمع من كل ما يحيط به هو الذي يكسبه استقراراً لا يقدر بثمن
}إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ{
مثل هذه الانطلاقة وبهذه الاستقامة تعزّز لديه معنى حقيقة الحياة ما بين يومِه وغدِه.. والنظرة الشاملة لكل مفردات ما يصبو اليه تكسبه ما يسعى اليه من سعادةٍ حقيقية لا شقاء فيها.. وهو يَعْبُر من دنياه لآخرته ليس منقطعاً عن حياة دنياه ولا مقاطعاً لآخرته..
يتكامل سلوكُه مع كلّ مفردات حياته على هدي ما يحمل من مفاهيم تتكفل منظومتُها تغطيةَ ما يُحيطه من ظروفٍٍ وتحديات وتلبّي ما لديه من احتياجات وطموحات..
كلُّ انسان يُدرك مدى الترابط في حلقات حياته الشخصية والأسرية والمهنية والاجتماعية والسياسية كما يدرك مآل حياته الى الموت مهما طال عمره وبلغت قوته لكنه يتفاوت في درجة الانسجام بين حلقات هذا المسلسل.. أقصى ما يتمناه هو خلو حياته من شوائب الحزن أو ما يهددها من أشباح القلق وأن يحظى بدخول الجنة وهو ما وعده الله تعالى }أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ{..
ما بين بدء حياته وما تتجدد لديه من قناعات على ضوء ما يصل اليه من حقائق يحتاج الى مراجعة مستمرة تتولى انتقاله المتواصل الى شاطئ الحقيقة..
http://beladitoday.com/?iraq=%C7%E1%D1%CD%ED%E1-%E3%E4-%C7%E1%D5%DD%D1&aa=news&id22=60284
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق