الأربعاء، 13 أبريل 2016

د . إبراهيم الجعفري استقرار الشخصية


~ما من أحدٍ إلا ويشعر بقيمة الاستقرار بشخصيته ويعمل ما بوسعه لتحقيق ذلك.. وإنما تقاس قوة الانسان كأكثر ما تقاس به هو استقراره في الظروف عامة وفي الشدائد والمحن خاصة..
وهي حين تتعرض الى الاهتزاز يبحث صاحبها عن كل الوسائل التي من شأنها اعادة التوازن لها وتجاوز مسببات القلق التي تعتريها ويتلمس من أجل ذلك كل السبل المادية والمعنوية وحتى الطبية التي تحقق له ذلك..
لا غرابة أن يعتاش الكثير من الحيّالين والنصّابين على بسطاء الناس بدعوى إزالة القلق من نفوسهم وحل مشاكلهم وإعادة الاستقرار لهم بل قد يعرّضون بعضهم الى علاجات غير تقليدية كالتنويم المغناطيسي والضرب الشديد الذي "لا يزيد في الطين الا بِلَّة"..
لا أقصر حلاً من أن يعيش الانسان منسجماً في داخله عما في عالمه الخارجي حتى يُلغي الفجوةَ الكبيرةَ بين ما يُضمر في نفسه عمّا يُعلن في ظاهره.. من يداوم على ذكر الله تعالى يعيش حالة الانسجام الداخلي المقرونة بالاطمئنان }الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِاللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{ على عكس من يحاول أن يتمرَّد على إرادة الله محتمياً بأيِّ حصنٍ من الحصون الزائفة..
التحلّي بالواقعية وتحقيق الاقتناع والتناسب بين ما يملك الانسان من طموح وما توافر عليه من قابلية يوفر له رصيداً من الهدوء..
تخطي كل إنسان الى حجم مبالغ به من التمنيات التي لا يقوى على تحقيقها يجعله في طريق الطموح المغلق.. في حين يفتح التواضع باباً لخفض ما يتمناه الى ما يمكن أن يحققه هو الذي يتولّى توفيرَ سرِّ الاستقرار بالشخصية..
ما لم يتوفر في الشخصية عامل الاستقرار لا تستطيع معها ان تتواصل في درب الحياة الصاعد فضلاً عن عجزها عن مواجهة التحديات..
وطريق الحياة لم ولن يخلو من التحديات في أي مقطعٍ من المقاطع.. وحجم المشاكل الناشئ من التحدي شيء والحجم المستوحى من الجو المأزوم بسبب عدم الاستقرار في الشخصية شيء آخر..
كثيراً ما تضيف الازمة الداخلية وعدم الاستقرار مزيداً من التعقيدات عليها بحيث تأخذ حجماً وهمياً متفاقماً لا أساس له من الصحة.. وما لم يحطم الشخص الجدران النفسية في داخله لا يستطيع معها تلمّس سُبل الحل الكثيرة المبثوثة من حوله.. ولا يقدر على رؤيتها وإن كانت قريبة منه وهذه من مصاديق نسيان الانسان لله تعالى }وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ{ ..
لغة الانسان المستقر ليست لغة ألفاظ ولا حتى لغة رسوم إنها لغة معان وأحاسيس وهي ما تغمر المعطي بثروة فيّاضة لتهب المتلقي فرصة اكتساب امتزجت بها نفس المعاني بذات الأحاسيس..
كلُّ عضوٍ من أعضاء الواثق بنفسه يعكس استقراره من نظرات عينه الى حركات جسمه الى نبرات صوته الى تعابير وجهه الى خطوات مشيه..
من روائع الاستقرار أنه ثروةٌ لا تشترى بمال ولا تسلب بقوة ولا تزيّف بادّعاء ولا تحدّد بعمر ولا تعوّض بثمن إنها تتأتى بالحكمة وهذه من الله تعالى }‫يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو
الْأَلْبَابِ{ ..
مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق