الانتصار قرار يتخذه المتصدي ضدَّ عدوٍّ يواجهه في أيّة جبهة من جبهات المواجهة سواءٌ كانت جبهةً خارجيةً أم داخليةً أم شخصيةً مع الذات.. أهمّ عناصر القرار هو ايمان الانسان بمشروعية مواجهته ضد عدوِّه وأنّه منطلقٌ من عقيدةٍ راسخةٍ وليس من ردِّ فعل عاطفي عابر أو عقدة عصبية مستحكمة ذلك أنّ لكل مواجهة تضحيةً تتناسب مع حجم الاهداف المنوي تحقيقها وأنّ أشدَّ النزالات ضراوةً تلك التي تتطلب أكثرها تضحية.. على الصعد كافة المالية منها والنفسية والعسكرية والاجتماعية والسياسية.. فما لم تكن شخصية المتصدي للمواجهة قد تشبّعت بروح التضحية لا يمكن لها أن تستوي على طريق الاقدام؛ لكن ارادة الانتصار هذه ليست مستوفية لشروطها الموضوعية من حيث المستلزمات المعنوية والمادية وتوافرها على التوقيت الزمني وتوزيع الأدوار على أصحاب القدرات الخلّاقة التي تتحلّى بالوعي والشجاعة والابداع.. سياقات التعاطي في أجواء التحدي عموماً والتحدي الشرس خاصة كالذي يمرّ به العراق حالياً تستلزم تحشيد أقوى ما لدى الشعب من إمكانات.. ارادة الانتصار على كل ما لها من أهمية لا تكفي لوحدها في اتخاذ القرار من دون أن تكون تقديرات المواجهة وفي مدياتها الآنية والمتوسطة والبعيدة قد توفرت.. الحروب دفاعية كانت ام هجومية أحادية أم متعددة الاطراف لا بد ان تستوفي مستلزمات الحد المعقول من متطلبات المعركة.. الصبر على المواصلة من اسرار النجاح خصوصاً في المعارك.. ثقافة المواجهة على أقصى درجات الأهمية لكل فصائل الشعب حتى يواصل امداده لما تتطلب من بذل وتضحيات ومن صبر على ما تجرّ اليه من مآسي وويلات.. حرب الخليج الاولى والثانية لم تكن مبنية على ثقافة مجتمعية تفضي الى مهاجمة ايران ولا احتلال الكويت لذلك غاب عنصرها الأساس! وهو الايمان ما جعل القوات المسلحة العراقية لا تقاتل بكامل قوتها رغم ما توافرت لها من عدة وعتاد فهي تدرك انها تتواجد على أرضٍ غير أرضها وتحارب انساناً ليس عدوّاً لها.. ووعي الشعب بمشروعية الحرب يحمل اسرار التحشيد المتنوع الذي تتطلبه المعركة فهو ذات الشعب الذي يقدم ابناءه بالتضحية في الميدان وهو ذاته الذي يتحمل عبأ الاستحقاقات المترتبة عليها من انخفاض مستوى الخدمات ومواجهة الطابور الخامس الذي يطعن بالظهر لصالح العدو في بث كل انواع الإشاعات من اجل احداث الهزيمة والحيلولة دون تحقيق النصر.. رص الصف الوطني وتوحيد الكلمة مطلوب في كلِّ الظروف خصوصاً في أجواء الحرب.. والشعوب الحية تدرك جيداً أنّ إثارة الخلافات والمشاكل الداخلية في أجواء المواجهة يصبّ في صالح أعدائها.. ويضعف من قوتها مما يدفعها الى تجميد أيِّ خلاف داخلي في اجواء التحديات.. ارادة الانتصار يراد بها انتصار الشعب وليس انتصار هذه الشخصية أو تلك أو هذه القوة السياسية أو تلك.. ومثلما يعلو صوت التحديات الوطنية على غيرها كذلك يعلو صوت الإنجازات الوطنية على غيرها.. حجم انتصار الامة أكبر من أيِّ انتصار وهو ما يستلزم أن يضحّي أيُّ شخصٍ من أجل انتصار أمته .. ولا يعقل أن يفرِّط بأمته من أجل ذاته..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق