السبت، 3 سبتمبر 2016

شرعنة الأحقاد

~الحب والكره مظهران لحقيقة واحدة هي العاطفة التي جعلها الله من طبيعة النفس البشرية ولا تنفك عنها بحال وهي مما لا يمكن تصور الشخصية السويّة من دونها وهي ترسم خارطة العلاقات بين الانسان ومن حوله في الدوائر الاجتماعية كافة من أقربها في الدائرة الزوجية والعائلية الى أبعدها في المجال الاجتماعي.. وأن الانسان الذي ينسلخ عن الحب بكل انواع الخير والجمال أو الكره بكل انواع الشر والقبح لا يُعدّ اعتيادياً وهذه الشريحة صنّفت في عداد الشذّاذ غير أنّ للحقد مفهوماً آخرا اذ انه  ينطوي على معنى مختلف فهو لغةً "إمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها" وأما اصطلاحاً فهو طلب الانتقام وتحقيقه.
وقيل: هو سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة, فالحقود يعرف نفسه جيداً انه سيئ الظن ويضمر بداخله العداوة للآخر ويتربص به للانتقام.. والحقد على غير الكره من حيث طبيعته ودوافعه وآثاره ودلالاته.. ففي الوقت الذي يكون فيه الكره مظهراً طبيعياً للعاطفة عندما يوضع في موضعه ومنعكساً مضاهياً ومنسجماً مع ما يثيره من اسباب يكون الحقد دالاً على خروج عن العاطفة السوية وليس له أيّ دلالة انسانية سوى حب الانتقام من الاخر لاسباب قد تُخفي الحسد والانتقام أو التشفي وقد تتصاعد وتيرة الحقد لتتحول الى "ثقافة الحقد" أو "التحاقد" اي تبادل الحقد بين عدة اطرافِ حتى تبلغ أقصى مداها في "شرعنة الحقد" عندما يجد الحاقد غطاء قانونياً له يبرر حقده بل وبزرعه لدى أبنائه واتباعه ومحبيه وبذلك يتخذ لنفسه خطاباً حاقدا وسلوكاً جماعياً حاقداً..
من مظاهر "ثقافة الحقد" إشاعة الحروب والتمثيل بالضحايا وحرق الاطفال والنساء والتفنن بالاماتة بل يمتد الحقد لتدمير الموارد الحيوية والبيئية.. لقد طورت القوى الإرهابية المتمثلة بداعش ابشع اساليبها بترويع الضحايا من مختلف الشرائح الاجتماعية ما عجزت عن ممارسته كل صنوف الاٍرهاب التاريخي كقتل الإرهابي لأمه وبدم بارد!! هي طبيعة النفس البشرية حين تخرج عن جادة الاستقامة تصبح اكثر وحشيةً من الحيوان ولا تقف عند حدود معينة!!
وأن قلبه الذي يتشظى حقدا على الناس لا يقف عند حدود عدد معين ٍمن الضحايا ويوغل بالإجرام متشفياً من غير رحمة لتسحق طاحونة حقده كلّ من يقع تحت طائلة حقده كالذي حصل مع هتلر وموسوليني وهيروهيتو وستالين..
ليس صعباً على الحاقد أن يغزل لنفسه مبررات الإبادة من خيوط الكراهية المقيتة..

http://beladitoday.com/?iraq=%D4%D1%DA%E4%C9-%C7%E1%C3%CD%DE%C7%CF&aa=news&id22=67558

    مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق