مصطفى الأدهم
الحكم الذي صدر من القضاء المصري على كل من الرئيس المخلوع حسني مبارك بالمؤبد له ولوزير داخليته حبيب العادلي، إلى جانب البراءة لأبناء الأول علاء وجمال مبارك وصديقه رجل الأعمال الهارب حسين سالم، ومساعدي الثاني الستة، سيتداخل بقوة في حالة التجاذب السياسي والاستقطاب الانتخابي الجاري في مصر اليوم على خلفية صعود كل من الدكتور محمد مرسي - مرشح حزب الحرية والعدالة عن جماعة الإخوان المسلمين إلى جانب الفريق أحمد شفيق - آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، هذا المشهد يعتبره البعض صعودا للثورة المضادة لثورة 25 يناير.
التعليق على الحكم القضائي من زاوية عدم الاطلاع على ملف القضية أو الدراية القضائية والقانونية لن يسمن من جوع، لكن، من الناحية الواقعية لا يمكن بأي حال عدم الطعن الشعبي والإعلامي ناهيك عن السياسي في الحكم القضائي، بل أن هذا الحكم الذي جاء على عكس الرغبة - الثورية الشعبية - هو بمثابة الشرارة التي ستعيد اشعال الشارع المصري لإعادة انتاج الزخم الشعبي - للثورة، خصوصا بعد فتور ظهر واضحا في مليونية الجمعة 2 / 5 / 2012م التي لم تلاق الاستجابة الشعبية المتوقعة، وان أكبر المستفيدين من حكم مبارك هو المرشح الرئاسي لجماعة الإخوان الدكتور مرسي، الذي سيلتف حوله أغلب القوى الثورية والأحزاب المصرية المعارضة لنظام مبارك، إضافة إلى بعض من مرشحي الرئاسة الذين لم يحالفهم الحظ ، بعد أن كانت الصورة غير مستقرة لجهة الدعم الذي سيتلقاه مرسي من تلك القوى، أما أكبر الخاسرين من حكم مبارك فسيكون الفريق شفيق لأن الترجمة الشعبية الثورية له ستكون على حساب فرص شفيق بالوصول إلى سدة الرئاسة للخوف الشعبي المتوقع من شبح أعادة النظام وما يترتب عليه من احتمال تدخل الرئاسة لصالح مبارك !.
الحكم على مبارك جاء من حيث يدري أو لا يدري - لصالح تجميع القوى السياسية المناهضة لنظامه - والتي شهدت حالة من الانقسام بعيد الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة التي وضعتهم بين مطرقة شفيق؛ وشبح النظام القديم ،، وسندان الإخوان؛ وشبح الدولة الدينية ! الاستخدام السياسي والإعلامي للحكم - وما يترتب عليه من استقطاب شعبي سيشد عصب القوى الثورية ويقربها من بعضها لجهة التغاضي حاليا عن شبح الدولة الدينية الذي يؤرقهم واضحى فزاعة تطارد الإخوان ومرشحها الدكتور مرسي الذي حاول كثيرا في تقديم الوعود والضمانات من أجل تهدئة المخاوف من وصول اخواني للرئاسة، اليوم، ومن خلال الاستثمار السياسي للحكم؛ أصبحت مهمة مرسي أسهل، بعد أن كانت تتسم بصعوبة أكثر ما قبل الحكم، في المقابل ستصعب مهمة شفيق التي كانت فرصه أعلى بكثير فيما قبل الحكم، من هنا يمكن القول مبروك للدكتور محمد مرسي - مبروك الفوز بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية بعد الجولة الثانية من الإنتخابات الرئاسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق