بداية انا مع حق التظاهر والتعبير عن الرأي لاي مواطن وضد اي منع وتحت اي تبرير او مسوغ تسوقه الحكومة لحظر النشاطات السلمية والتجمهر الشعبي للمطالبة بالحقوق خاصة ان مبررات المطالبة بالحقوق كثيرة وربما عجزت الحكومة عن الايفاء بها على مدار عشر سنوات من التغيير.
لكنني لا افهم كيف تُمنع اجهزة الدولة من دخول اي مكان تشك في احتمالية احتوائه على نشاطات مشبوهة او غير قانونية حتى وان تعرض افراده الى القتل او الخطف او الاعتداء.
صحيح اننا بلد ديمقراطي ولكن الديمقراطية ليست مفتوحة الى ما لا نهاية بل لها حدود وقيود وقد شهدنا كيف تعاملت اميركا مع تفجير بسيط ذهب ضحيته ثلاثة مواطنين فقط، فقد اغلقت ولاية كاملة وفتشت منازل منطقة واسعة بيتا بيتا وشارعا شارعا حتى انتهت الى قتل احد المنفذين واعتقال الاخر..اما حادثة تفجير برجي التجارة فكانت ردة الفعل عالمية انتهت باسقاط نظامين واحتلال بلدين لمجرد الشك بتورطهما في الحادثة.
فأي ديمقراطية نتعامل معها نحن في العراق؟!..هل هي ديمقراطية الغاء الدولة والجيش والشرطة والنظام لمجرد وجود مجموعة من المواطنين تريد ان تتظاهر ولا تضمن استغلالها وانطلاق الشر من بعض المشاركين فيها؟.
لماذا يحتاج الجيش والقوى الامنية الى وساطات وتدخلات محلية وخارجية لكي يفتش او يلقي القبض على مشتبه به اندس وسط المعتصمين؟!.
ثم ماذا عن افراد القوات الامنية الذين يقتلون؟..اليسوا عراقيين؟..الا يفترض وجود من قتلهم؟..ثم الا يتوجب القاء القبض عليهم وتسليمهم الى القضاء؟.
الغريب ان القوات الحكومية تحولت (وهذا الحال في العراق فقط) الى جهاز مشلول وكانه هو المتظاهر وان المتظاهرين هم قوات الامن!..ففي كل العالم نسمع ان الضحايا هم المدنيون والمتظاهرون بوصفهم عزل ويطالبون بحقوق معينة تنتهي بتفريقهم بالقوة واعتقال مجموعة منهم الا عندنا فالضحية على الاكثر هم الجيش وقوات الامن ولا يحق لهم حتى الدفاع عن انفسهم ولو بخراطيم المياه..وايضا الجيش (كاذب مكذب) على طول الخط..ويتكون من مليشيات وحرس ثوري ايراني (كانه بحاجة الى رجال كي يستوردهم من الخارج كما في البحرين).
الجيش والقوات الامنية التي نتحدث عنها هنا هي نفسها التي شنت عمليات صولة الفرسان من البصرة الى بغداد (وتحديدا المناطق الشيعية) وحينها لم يقل احد انها قوات مليشياوية او صفوية او سعودية او امريكية...، ولكنها على ما يبدو لم تنجز كامل واجبها في كل المحافظات كي تريح المواطنين هناك من القوى الارهابية التي تستغل التظاهرات السلمية اليوم وتعكر علاقتهم بجيشهم وقواتهم الامنية الوطنية.
وطالما كان كل جانب يريد جيشا بمواصفاته وشرطة على مزاجه وقضاء وفق هواه..وكذا تعليما وتعيينا وحكومة... فان ما يحدث يوشك ان يكون بداية لنهاية يخشى الجميع الحديث عنها، وهي تقسيم العراق على اسس طائفية.
على كل حال يتوجب على الجيش والقوات الامنية ان لا يتركوا ضبط النفس، والحرص على عدم استخدام القوة خشية وقوع ضحايا ابرياء لا ذنب لهم ولا جريرة..فدماء العراقيين غالية سواء كانوا عسكريين ام مدنيين، وان تستمر الجهود السلمية لانهاء الازمة وحفظ العراق من الوقوع في متاهة العنف وخيارات التقسيم المريرة.
مقالات للكاتب كريم ابو طوق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق