~ ترسم وسائل الإعلام الصور الذهنية عن الشعوب والأشخاص إلى حدٍ يصعب
تغييرها، وطيلة المدة الماضية ضخ الإعلام عبر وسائله المتعددة والمتنوعة
أخبارا ومعلومات كانت أرض الأنبار ساحة خصبة لها ومصدراً مهماً لها، فضلاً
عن ظهور شخصيات فاعلة في المشهد السياسي العراقي تميزت بالحضور الطائفي
والإعلامي، ممّا انعكس على صورة أهل الأنبار لدى سكان الوسط والجنوب
ومحافظات كردستان، بحيث بات الكثير يعتقد أن سكان هذه المناطق إما دواعش عن
بكرة أبيهم أو أنهم حواضن لها، إلاّ أن المتفحص للأحداث والمتابع لها عن
قرب يجد أن الأمور تختلف تماماً، إذ ان أكثر المتضررين من داعش هم أهلنا في
الأنبار. فتعالوا معي نتقصى معا بعض الضرر الذي لحق بهم جّراء وجود
التنظيمات الإرهابية في مناطقهم، فقد وصل عدد المهجرين من مدن الأنبار الى
نحو مليون وثلاثمئة الف مواطن، كما أنها تأتي في طليعة المدن التي أعطت
شهداء وجرحى، وانها من أكثر المدن التي تعرضت للدمار التام وبحسب تقديرات
رسمية فإن اكثر من 70 % من أحياء مركز مدينة الرمادي لم تعد صالحة للسكن،
كما أن آلاف المصالح والأعمال توقفت بسبب نزوح أهلها ولعدم استطاعتهم
العودة إلى مدنهم، خوفاً من بطش داعش, فكيف يدعي بعضهم بأن أهلنا في
الأنبار هم دواعش وأكثر من 80 % من سكان مدنهم تائهون في مدن العراق، كيف
يصفهم البعض بالإرهابيين، ومنهم آلاف المقاتلين اليوم يقفون إلى جانب الجيش
العراقي، كيف يجرؤ البعض على المطالبة بالانتقام من سكان تلك المدن
ودماؤهم امتزجت بتراب العراق وجباله وسهوله ووديانه ؟ إن في الانبار عشائر
كريمة وناس طيبون وكرماء، ولكن بلاء أصابهم وعلينا أن نتعاون معاً لكي
نخلصهم منه، ونعيد تلك الصفات النبيلة لمضايفهم بعد أن نميز بين الخبيث
والطيب، فليس من العدل أن نصف مدينة هجرها أهلها بسبب ضيم داعش بأنهم
ارهابيون وقتلة، بل علينا أن نقول لهم: أنتم مضيف كرم العراق في المنطقة
الغربية، وانتم عرب أقحاح لا شائبة فيكم ومن ثم ندعوهم لقتال الدواعش
ونعدهم بالحياة الكريمة كعراقيين أسوة بأبناء المحافظات الاخرى، إذ لا فرق
بينهما فهم جميعاً أبناء هذا الوطن، ولهم حقوق وعليهم واجبات.
مقالات للكاتب غالب الدعمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق