الخميس، 20 أكتوبر 2016

الطف والحياة الأبدية


~لم يكن يوم العاشر من شهر محرم الحرام لعام 61 هجريا كباقي الايام بل كان قد دخل التاريخ ليخلد فيه الى الأبد وتشبعت به نفوس نماذج إنسانية من اصحاب الحسين ليخاطب نماذج اجتماعية متنوعة بتنوع البشر وفي يومٍ شاء الله أن يكون حدّاً فاصلاً ومميزاً بين مرحلتين  مرحلة السكوت عن الحق ومرحلة المواجهة للباطل فتحولت صرخة الحسين "هيهات منا الذلة" الى منطق مواجهة..
مثلما تحوّلت المواجهة بين جبهتي الحق والباطل من مواجهة جيوش الى مواجهة قيم وأفكار وإرادات وتحولت معايير الربح والخسارة في هذه المعارك من فوز مادي ونجاح تقليدي في كسب المغانم المادية واحتلال قطعٍ من الارض او السيطرة على منابع الأنهار الى انتصارات معنوية مضافاً الى الانتصارات التقليدية الاخرى لتكون ساحتها الارض وجنديّها الانسان وزمنها التاريخ!! وهو ما أمّن للقلّة النوعية النافعة مستقبل البقاء فيما هدد وجود الدول والمعسكرات الجانحة للقوة والمراهنة على الزيف الظاهري توعدها بالزوال.. والمتبحر في دراسة التاريخ يدرك جيداً الفرق الهائل بين ما حدث بالتاريخ من قيام دول وسطوة حكام  وبين ما آل اليه مصيرهم في التاريخ ليكونوا دروساً وعبراً تلاشى فيها كل المزيّفين من هؤلاء.. }فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفآءً وَأَمَّا مَا ينفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ{..
كانت اطلالة الطف نوعيةً بامتياز اذ تم استشراف آفاق المستقبل بيقينٍ حسيني وخير ما عبّرت عنه زينب عليها السلام وهي تخاطب يزيد قائلةً: " كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا ترحِضُ عنك عارها وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد"..
ركبٌ يؤسس لمسار اصلاحٍ جذري بتاريخ الاسلام يستهدف البشرية كلها وبعكسه خطاب اصلاح انساني ويتهجّى أهدافه بوضوح وواقعية ويخوض غمار ملحمة فداء ينتصر فيها الدم على السيف والرضيع على الجيش والمرأة على التخلف والتنوع الانساني على الطبقية الطاغية!!
وبعد فإنّ في الطف زادَ فكرٍ ومنهج عمل وانقطاع نية في التقرب الى الله عز وجل وقد منحت كل الامم والشعوب ارادة المواجهة الجادة ضد الطواغيت لتظفر بالفوز المؤزّر.. لا أبلغ من حكمة انتصار الشعوب على ارادة الطواغيت مهما طال الزمن وبلغت التضحيات شعبنا ليس خروجاً ولا تمرّداً على هذه الحقيقة التاريخية.. وهو اليوم اذ يخط ملحمةً حسينيةً بمداد ابنائه البررة الأبطال من ابناء القوات المسلحة والحشد الشعبي والپيشمركة ليضع بذلك حدّاً لمهزلة الدواعش ومن خلفهم "المتداعشين" بالمال والاعلام وفقه التخريف وتجار التفرقة من اللاعبين على حبال الطائفية المقيتة الذين يؤرقهم الحراك الوطني العراقي الذي ضمَّ ابناء المذاهب والديانات وصهرتهم بوتقة القيم الدينية والمصالح الانسانية المشتركة..  

http://beladitoday.com/?iraq=%C7%E1%D8%DD-%E6%C7%E1%CD%ED%C7%C9-%C7%E1%C3%C8%CF%ED%C9&aa=news&id22=68749

    مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق