الأحد، 18 أكتوبر 2015

علي عطوان الكعبي عِلم لاينفع وجهل لا يضر


~تضم المكتبات العامة والخاصة، في أدراجها مؤلفات كثيرة تتجاوز أعدادها أرقاماً كبيرة، مما أنتجه العقل البشري على طول صفحات التاريخ، ومازالت وستظل هذه الأعداد في تزايد مضطرد مابقي الانسان.. ومهما اختلفت غايات ودوافع التأليف، فإنَّ السؤال هو كم من هذه الكتب يقدم معلومة مفيدة نافعة للإنسانية تصب في صالح المجتمع؟.
يمكن أن ينطبق ذلك بشكل كبير، على مايجري في أروقة الجامعات كونها مؤسسات أكاديمية تحظى بالأهمية من الجميع، لاتقف عجلة العلم فيها. وهي التي يتم في أروقتها نتاج الكم الكبير من أطاريح الدكتوراه، ورسائل الماجستير، فضلا عن البحوث والدراسات في العلوم الإنسانية المختلفة. غير أن الملاحظ أن أعدادا ليست بالقليلة من هذه المؤلفات تأخذ إجازتها طابع العشوائية، وعدم الدقة في اختيار العنوانات لمواد علمية وادبية وثقافية، لاتسمن ولاتغني عن جوع، وكأنها كتبت لإسقاط الفرض غاية في الحصول على لقب أو درجة علمية، بعيدا عن تفاصيل الواقع، فارغة من المعنى تسرق الجهد والوقت والأموال، لتركن بعد حين في رفوف المكتبات لاتلمس غبارها يد، ولا تمر على سكونها عين. فرسالة في فكر "القائد الضرورة" مثلا، وكثير سواها، ماعساها أن تنفع المجتمع. والجميع يعرف لماذا كتبت رسالة كهذه، والدوافع التي وراءها؟. إن الغايات السيئة لاتبررها الدوافع الشخصية التي تجانب الصواب والمنطق، مهما امتلكت من حضور في أرض الواقع.
لعل خير دليل على هذا الاسفاف العلمي، مايروى عن النبي الكريم أنّهُ دخل المسجد فرأى جمعاً من الناس على رجل فقال: «ما هذا؟» قالوا: يا رسول الله، رجل علّامة، قال: «وما العلّامة؟» قالوا: أعلم الناس بأنساب العرب، وأعلم الناس بالعربية وأعلم الناس بالشعر، وأعلم الناس بما اختلف فيه العرب، فقال (ص): "هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر"!!.
لا أجد أمام هذا الكم الكبير من المؤلفات الخاوية على محتواها، إلا أن نفعل ماكان يفعله الشاعر الإنجليزي شيللي -مع الفارق في المعنى -حين كان بعد قراءة الكتاب يمزق أوراقه ليصنع منها زوارق صغيرة.. وهذا اضعف الإيمان!!.
مقالات للكاتب علي عطوان الكعبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق