في العام 1979 اعلن الامام الخميني الراحل يوم القدس العالمي الذي شكل انعطافة نوعية في القضية الفلسطينية وصراعها مع الاحتلال الاسرائيلي في وقت تواطو العرب والمسلمون لشديد الاسف مع الكيان الاسرائيلي بطريقة مباشرة او غير مباشرة عبر تطبيع العلاقات والاعتراف بالكيان الغاصب دولة شرعية . فيما ظل المجتمع الدولي صامتا وصامتا ازاء الجرائم والانتهاكات التي مارستها وتمارسها العصابات الصهوينية بحق ابناء الشعب الاعزل . والمحاولات المستمرة والمخططات القائمة لتهويد المدينة المقدسة . تزامن يوم القدس العالمي مع الصحوة الاسلامية التي تشهدها المنطقة هذه الايام واسقاط الانظمة الدكتاتورية التي تحالفت مع الكيان الغاصب وسمحت برفع علمه في سمائها وفتحت له سفارات ومقار على ارضها اعطى ليوم القدس العالمي زخما اضافيا واملا جديدا في تحرير الارض المقدسة من براثن الصهاينة .ولعظم واهمية المناسبة ارتات « بلادي اليوم « ان تفتح ملفا خاصا عن المناسبة وترصد الاستعدادات الجارية في مختلف انحاء العالم لاحياء المناسبة
كيف مهد الامام الخميني ليوم القدس العالمي
لقد مهد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران الأرضية لبروز تحولات عميقة في البنى الثقافية والسياسية على صعيد المنطقة والعالم. ونظراً لما إتسمت به من روحية مناهضة للظلم والتصدي للقوى المتغطرسة، كانت الثورة الإسلامية مختلفة عن الثورات الأخرى التي عرفها التاريخ.
ومن الواضح أن الدفاع عن أهداف الشعب الفلسطيني شكّل أحد أبرز ابعاد الثورة الإيرانية. وقد أكتسب هذا التوجه أهمية أكبر نظراً لتزامن انتصار الثورة مع معاهدة كامب ديفيد. المعاهدة التي تم توقيعها بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية برعاية الولايات المتحدة الأميركية. إذ كان المستعمرون يتصورون بأنهم سرعان ما سيتمكنون من فرض هيمنتهم على الدول الإسلامية، والإيهام شيئاً فشيئاً بانتهاء القضية الفلسطينية من خلال تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.بيد أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران أحبط كل مخططات المستعمرين. وبفضل قيادة الإمام الخميني (قدس سره) الواعية والحاسمة، اتخذ الصراع مع إسرائيل شكلاً آخر. إذ استطاع سماحته، بوحي من إدراكه السليم لابعاد القضية الفلسطينية، واعتماده دوراً محورياً للجماهير، ومواقفه الجريئة والشجاعة في التصدي للمشاريع الصهيونية؛ استطاع ان يخلق ظروفاً صعبة لهذا الكيان.
لقد لفت انتصار الثورة الإيرانية إلى أن الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني وعودة الحق إلى أصحابه، هو السبيل الوحيد لتسوية هذه الأزمة التاريخية.وبدوره بدأ الشعب الفلسطيني، بالاستلهام من تجربة الثورة الشعبية في إيران والتأسي بالنضال المدروس في تعبئة فئات المجتمع، بدأ بتنظيم التظاهرات وإقامة المسيرات الضخمة بمشاركة جموع غفيرة من النساء والأطفال وعلماء الدين والمثقفين، وانطلق الجميع بقبضات حديدية وبالعصي والحجارة في صف واحد يواجهون رصاص الإسرائيليين. وقد استطاع الشعب تغيير أشكال النضال إلى حد كبير انطلاقاً من المسجد وصلاة الجمعة.
ان دخول هذا العامل المصيري إلى ساحة النضال، والتواجد الواعي والعملي للجماهير، نقل القضية الفلسطينية إلى وضع مختلف تماماً تشكل الانتفاضة أبرز معالمه.. فكانت الانتفاضة الأولى، التي عرفت بالانتفاضة الكبرى، عام 1987 واستمرت حتى عام 1991. ومن ثم انطلقت الانتفاضة الثانية عام 2000 التي عرفت بـ (انتفاضة الأقصى).
وتشير الانطلاقة الجديدة للشعب الفلسطيني إلى يأس الفلسطينين من مباحثات التسوية غير المجدية، وفقدانه الأمل بدعم الدول العربية التي تجاهلت القضية الفلسطينية وأبنائها المشردين.
ولا يخفى أن يأس الجماهير واحباطها من مواقف منظمة التحرير الفلسطينية التي ادارت ظهرها للكفاح المسلح وكرست كل اهتماماتها للمساعي السياسية والدولية غير المجدية أملاً في تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، وتوجهها – الجماهير – إلى الإسلام وعقدها الآمال على نتائج هذا الخيار؛ شكل دافعاً قوياً لإنطلاقة الانتفاضة الثانية.
ومن البديهي لن تكون هناك ثورة من دون الجماهير، لأن ليس بوسع العناصر الأخرى – مهما كانت فاعلة ومؤثرة – أن تخلق معجزة.
السياسة التي انتهجها الامام الخميني في التأثير على الشعب الفلسطيني
أولاً : التعبئة الثورية العامة لأبناء الشعب وعلماء الدين
شكلت التعبئة التقليدية وغير الرسمية للتحركات المدنية الموسعة عن طريق المساجد في مختلف انحاء إيران، قوة كامنة لإحداث تحولات اجتماعية كبرى. إذ أن الإمام الخميني ومن خلال اعتماده على هذه القوة، لم يلجأ إلى أساليب النضال السياسي المتداولة في العالم، من قبيل تأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية والعسكرية و الميليشيات المسلحة وانما حاول توعية الجماهير بدوافع نضاله وأهدافه مستعيناً بالأواصر التقليدية والبسيطة للغاية الماثلة في صلب المجتمع.. في الحقيقة أن ارتباط الجماهير بقيادة الثورة في إيران، لم يكن عن طريق التنظيمات المناضلة والتشكيلات المعقدة، بل بوحي من صراحة الإمام وشجاعته ولهجته الخطابية الخاصة به وحده التي كانت قابلة للفهم من قبل كافة فئات المجتمع بما فيها الأميين.
ومعلوم ان الانتفاضة الفلسطينية كانت قد تبلورت في مرحلة من التاريخ النضالي للفلسطينيين، كان النضال الحزبي والدبلوماسي على مدى عدة عقود لاستيفاء حقوق الشعب الفلسطيني، قد وصل إلى طريق مسدود، وكانت الايديولوجيات غير الدينية والمستوردة قد عجزت عن تعبئة الطاقات والإمكانات الفلسطينية بما يخدم تطلعات الشعب الفلسطيني ومنيت بالفشل.
وفي هذه الأثناء كانت الثورة الإسلامية في إيران قد برهنت على مدى الهوة والتعارض بين القوى المتغطرسة وبين الحركات الشعبية الحقيقية، وقد تجلى ذلك بوضوح في الدعم الأميركي لشاه إيران والتصدي لأكثر ثورات القرن العشرين استقلالية وشعبية.
وان الانتفاضة الشعبية الفلسطينية فعلت الشيء نفسه في لفت الانظار إلى تناقضات الأنظمة الداعمة لإسرائيل. ولعل خير دليل على تناقض هذه الأنظمة التي تتبجح بالديمقراطية، تأييدها لجرائم الكيان الصهيوني في قتل وقمع واضطهاد شعب يطالب بحقه في تقرير مصيره وحقه في السيادة.
ثانياً: أسلوب النضال
شكلت مرحلة الصحوة الخطوة الأولى في الانتفاضة الفلسطينية مثلما هو الحال في الثورة الإسلامية. ورغم تباين بعض الدوافع بالنسبة للانتفاضة الفلسطينية والثورة الإسلامية، إلا أن الجيل الفلسطيني الصاعد الذي خطى في ساحة النشاط السياسي والاجتماعي، كان يرى أمامه حياة تعيسة وظلم الصهيونية القاهر بدلاً من الهزيمة والخنوع. وللخروج من هذا الطريق المسدود، لم يكن يرى في أساليب النضال السابقة جدوى، بل أن الأساليب والتصورات السابقة كانت سبباً رئيسياً في إيصال النضال الفلسطيني إلى طريق مسدود.
وقد حاول الكيان الصهيوني، من خلال استخدام القوة العسكرية والحملات الدعائية، إلى إيهام الرأي العام الفلسطيني باستحالة تغيير الأمر الواقع.. إلا أنه وفي ذات الوقت الذي كان يسعى هذا الكيان إلى ترسيخ وجوده وتعزيز موقعيته على الصعيد الداخلي والاقليمي؛ استطاع المناضلون المسلمون في إيران اسقاط شاه إيران الخائن للأهداف الفلسطينية.
وان هذا الحدث الهام بث نور الأمل إزاء مستقبل المسيرة النضالية في فلسطين.. صحيح أن الجيل الصاعد لم يرث غير المعاناة والنكبات، إلا أنه كان يحظى بامتيازات خاصة زرعت في نفسه الأمل ورسمت أمامه آفاقاً ساطعة إزاء مستقبله، ولعل في مقدمة ذلك: حساسية المسلمين حيال مستقبل القدس، وصحوة شعوب المنطقة، ودعم ومساندة الإمام و الثورة الإسلامية للقضية الفلسطينية. والاهم من كل ذلك، الاقتداء بالنضال الشعبي الذي شهدته (جزيرة الاستقرار) بالنسبة لأميركا والغرب (إيران).
من جهة أخرى كان الجيل الفلسطيني الصاعد يتمتع بمستوى أفضل من العلم والوعي بما يتناسب مع حجم المعاناة التي تجرع مرارتها، مما ساعده في امتلاك وعي متقدم لقدرات الفصائل والقوى المتواجدة على الساحة الفلسطينية، آخذاً بنظر الاعتبار ظروف المرحلة السابقة والراهنة.وفي ضوء ذلك كان يتم تعبئة الجماهير الغاضبة والمحتجة عن طريق المساجد والمراكز الدينية، وكانت تنـزل إلى الشوارع وتقاوم الأسلحة بالحجارة ساخرة من الموت.
ان هذا النهج في النضال، وعلى الرغم من حجم الخسائر والثمن الباهض، إلا أنه إتسم بجانب هام عجز عن مواجهته والتصدي له حتى الاخصائين في الحرب النفسية، ألا وهو نقل الخوف والاحباط من الجبهة المحلية الداخلية إلى داخل جبهة العدو، وهو في الحقيقة طريق النضال الوحيد الذي يلحق الهزيمة بالعدو ويقضي عليه
ثالثاً: يوم القدس العالمي
الاعلان عن يوم القدس العالمي من قبل الإمام الخميني (قدس سره) في السابع من شهر اب من العام 1979 بشّر بحركة مختلفة لتصحيح مسار نضال الشعب الفلسطيني. ويكفي أن نلقي نظرة إلى النداء الذي اصدره سماحة الإمام بهذه المناسبة لنتعرف على أهمية رؤية الإمام في هذا المجال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق