~ليس من السهل أن يتم البذل والتسامح مع المسيئين عندما تكون إساءاتهم
شديدة!! غير أن النفوس الكبيرة التي تتمتع بثروة اخلاقية عالية لا تتوقف
عند حد من حدود البذل بل تتجه نحو التسامح على الاخرين رغم كل ما بدر منهم
من إساءة.. خصوصاً وأنها تتوخى إحداث أبلغ الاثر على الانسان الاخر ولا تجد
باباً أوسع من باب التجاوز عن المسيئ مما يعني الغضَّ عن ذنبه وعدم
المؤاخذةِ عليه.. منشأُ التسامحِ هو ذاتُه منشأُ البذلِ بالمال والبذلِ
بالإحسان انها مظاهرُ الكمال الإنساني على سلّمِ الارتقاء المتجه تقرّباً
نحو الله }ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرّآءِ
وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ
ٱلْمُحْسِنِينَ{ ينفق وهو متمكن مالياً (في السَّرَّاء) وينفق وهو فقير
(وَالضَّرَّاء) ورُغْم ذلك ينفق لماذا؟؟ لئلا تموت عنده ملكة البذل وحتى
يتواصل بالعطاء فيكتم غيظه ويحبس مشاعره رغم ما يعاني ممن يعتقد انه بوجه
من أساء اليه ثم يرتقي الى درجة العفو عن المسيئ حتى يبلغ أقصى المراتب في
الاحسان اليه.. هذه هي الصورة القرانية التي يريدها الله سبحانه ويجسدها
الرسول (ص) هي بكامل أجزائها وهو بكمال أخلاقه حتى ليصفه الله تباركت
أسماؤه }وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم{ أية صورةٍ من عظمة الخلق أروع من
صورة تجاوزه (ص) عمّن اساء اليه وهو يدخل مكة فاتحاً منتصراً ليغمر أهلها
بخلقه الفياض وعفوه الغامر.. يمنحهم الامن تحت شعار "اذهبوا فأنتم الطلقاء"
"ومن دخل بيت الله فهو آمن" "ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن" "ومن دخل
بيته فهو آمن" منحهم الامن وهو الذي لم يأمن شرّهم بل القائل "ما أوذي نبي
بمثل ما أوذيت".. وعقد المقارنة بينما أقدم عليه (ص) وما قام به طغاة القرن
العشرين كالدكتاتور ستالين في عصر ما يسمى بحقوق الانسان وقد ألقي القبaض
على عشرات الآلاف من الاسرى الألمان اثر العاصفة الثلجية!! التي ضربت روسيا
في الحرب العالمية الثانية.. جاءته قصاصة ورق كتب عليها تمّ أسر كذا ألف
من الجنود الألمان مع أنّ جوابه كان ببرودٍ وبلا اكتراث!: "لسنا بحاجة الى
ضيوف لا تبخلوا عليهم بالرصاص!!"..
هذه صورة من صور الحضيض الاخلاقي أما صورة السمو الاخلاقي فهو ما تجلى بالرسول (ص) وما أراد الرسول بهذا السلوك الا أن يسجّل انتصار المبادئ وتجسيد القيم ليخرجها من حيّز الذات الى فضاء الانسانية الذي لا يختنق في مكان ما ولا يتحيّز في أيِّ زمان ولا يقف عند حد لتأخذ حجمها من حجم رسول الله (ص) وتتجلى عظمتها من خلال عظمة أخلاقه!! عندما تغطس المشاعر في رمال الذات ووحلها الآسن غير أن تتجلى بصورتها الملائكية الاخّاذة لتبقى خالدةً مع خلود الزمن ومتجاوزة بالانسان بالثبات رُغْمَ كل المحن!!.. وبذلك تدخل في معيار القوة مفردةٌ جديدة انها التجاوز والاحسان الى المسيئ وصدق الله العظيم وهو يقول }وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِي أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{
الانتقال بالانسان من قوة العضلة الى قوة الكلمة ومن معيار الأخذ الى معيار العطاء يعني تحقيق انعطافةٍ حادةٍ في مسير الانسانية لتلتقي في حاضرها الى ما كان يصبو اليه كل أنبياء الله (ع) وكل المصلحين عبر التاريخ..
ذكرناكم بالدعاء
http://beladitoday.com/?iraq=-%C3%CE%E1%C7%DE%ED%C9-%C7%E1%DA%D8%C7%C1-%93%C8%C7%E1%C8%D0%E1-%E6%C7%E1%CA%D3%C7%E3%CD%94--&aa=news&id22=61026
هذه صورة من صور الحضيض الاخلاقي أما صورة السمو الاخلاقي فهو ما تجلى بالرسول (ص) وما أراد الرسول بهذا السلوك الا أن يسجّل انتصار المبادئ وتجسيد القيم ليخرجها من حيّز الذات الى فضاء الانسانية الذي لا يختنق في مكان ما ولا يتحيّز في أيِّ زمان ولا يقف عند حد لتأخذ حجمها من حجم رسول الله (ص) وتتجلى عظمتها من خلال عظمة أخلاقه!! عندما تغطس المشاعر في رمال الذات ووحلها الآسن غير أن تتجلى بصورتها الملائكية الاخّاذة لتبقى خالدةً مع خلود الزمن ومتجاوزة بالانسان بالثبات رُغْمَ كل المحن!!.. وبذلك تدخل في معيار القوة مفردةٌ جديدة انها التجاوز والاحسان الى المسيئ وصدق الله العظيم وهو يقول }وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِي أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{
الانتقال بالانسان من قوة العضلة الى قوة الكلمة ومن معيار الأخذ الى معيار العطاء يعني تحقيق انعطافةٍ حادةٍ في مسير الانسانية لتلتقي في حاضرها الى ما كان يصبو اليه كل أنبياء الله (ع) وكل المصلحين عبر التاريخ..
ذكرناكم بالدعاء
http://beladitoday.com/?iraq=-%C3%CE%E1%C7%DE%ED%C9-%C7%E1%DA%D8%C7%C1-%93%C8%C7%E1%C8%D0%E1-%E6%C7%E1%CA%D3%C7%E3%CD%94--&aa=news&id22=61026
مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق