الأحد، 28 أغسطس 2016

قبول الآخر

~الاخر في حياة الانسان هو كل من يقع خارج دائرة الذات وبالتالي فلا عدّ له ولا حصر فهناك اخر عائلي وقبلي وسياسي وقومي واقليمي وديني وهكذا يعجّ عالمنا بالآخرين ما يضفي عليه جمالاً يزهو بالتنوع بل فيه الاخر الذاتي الذي ينبع من الذات ذلك عندما يتحرك الانسان من داخل نفسه ليحقق نقلةً بين فترة وأخرى.. فهو حين يقرأ كتاباً أو يشاهد مسلسلاً فهو ينتقل الى آخر ما بين أن يبدأ الى أن ينتهي بِما اكتسب من معلومات وانكشفت له من حقائق ومادام الاخر حقيقة تنبع أحياناً من داخلنا لا يمكن نكرانها فإن حقيقة الاخر أكثر تجلياً في ذوات الاخرين ما دامت خلفياتهم متعددة بالمذهب والقومية والمنطقة والاختصاص والانتساب المناطقي وسر الحراك الاجتماعي قائم على وجود الاخر والعالم بلا آخر تطبق عليه الوحشة وتتهدده النزاعات والحروب ولما كان سر الحكمة في التنوع التكويني بين بني البشر هو التعارف فإن أروع ما يكلل هذه التنوعات هو التعارف ليس الا } يَٱأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ انَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ{..
المجتمعات التي اختنقت من الاخر تعرّضت الى أزمات متعددة وحادة تمظهرت باشكالٍ مختلفة من حيث هوية الصراع ومن حيث درجة التداعيات وقد كلّفت العالم خسائر فادحة فالحرب الأهلية في أمريكا بين الشمال والجنوب والتي رفض فيه الاخر المناطقي والحرب  في ألمانيا والتي رفض فيها الاخر الديني وشبّت بين الكاثوليك والبروتستانت والتي بدأت ألمانية ـ ألمانية ثم اتسعت الى الخارج الألماني لتكون أوروبية ـ أوروبية على مدى ثلاثين عاما أكلت أعداداً كببرة من الأبرياء من ابناء الديانتين.. كما كانت حروب العرب بالجاهلية التي رفض فيها الاخر القبلي كحرب البسوس بين بني بكرٍ وبني تغلب أو ما بين الاوس والخزرج حتى بزغ فجر الاسلام وحقنت الدماء وحلّ معه السلم وعمّ الامن والطمأنينة.. تبدأ عملية التكيّف مع الاخر من البيت حيث يعيش الأبوان مع أفراد الاسرة على أنهم مجتمع مصغر يتواجد فيه الاخر فتعدد أفراد الاسرة يعكس بالضرورة تعدد طرقهم بالتفكير وتعدد أساليبهم بالتعامل وأذواقهم بالملبس والمأكل فقد يتفقون وقد يختلفون وهو ما يقتضي التعارف بين أفراد الاسرة رغم اختلافها وحين يدرج الابناء على التعايش فيما بينهم يتأهلّون للتعامل مع كلّ مكونات المجتمع.. ويحسنون فن التعاطي مع الاخر مع موقع الاختلاف وهو ما يحمل في طياته سر الإثراء الفكري


http://beladitoday.com/?iraq=%DE%C8%E6%E1-%C7%E1%C2%CE%D1&aa=news&id22=67228

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق