صالح بن عبد الله السليمان
تتكرر معي هذه الحالة، أكون قد قررت أن أكتب في موضوع ما، فأجد موضوعا أهم، تتراكم المواضيع التي أرغب في الكتابة عنها، لصالح مواضيع أشعر أنها أهم كثير. فكنت كمن يحاول مسابقة الريح، أو اللحاق بالمستقبل، قرأت في إحدى صحف اليمن السعيد هذا الخبر، المضحك المبكي، بل هو ما أستطيع أن أسميه كوميديا سوداء.
الخبر يقول: قالت وسائل إعلام يمنية وعربية إن مذبحة قبلية دارت رحاها في محافظة إب على خلفية إقدام حمار على اغتصاب حمارة تعود ملكيتهما إلى قبيلتين مختلفتين!! وجاء في التفاصيل أن حمارا تملكه عشيرة مكابس أقدم على اغتصاب حمارة/ أتان تملكها عشيرة بني عباس في الهواء الطلق، الأمر الذي دفع صاحب الحمارة إلى ضرب الحمار، وهو ما أجج غضب بني مكابس ودعاهم إلى التجمع والاعتداء على الرجل صاحب الحمارة، وتطور الأمر فيما بعد بين العشيرتين إلى حد استخدام الأسلحة النارية والقنابل اليدوية، ما أدى في النتيجة إلى سقوط 15 شخصا من الطرفين بين قتيل وجريح!! وقال مصدر أمني محلي إن الشرطة تجري حالياً تحقيقاً في المجزرة بعد إلقاء القبض على ثمانية أشخاص من العشيرتين، إضافة إلى المصابين الذين يعالجون في المستشفيات والذين اعتبرتهم الشرطة ضمن الموقوفين على ذمة الحادث.. يا إلهي، مذبحة يسقط على أثرها 15 بين قتيل وجريح، من أجل حمار وأتان!!؟ أسلحة نارية وقنابل يدوية من أجل حمار!!؟ والله ما هذا إلا الدليل القاطع على فشل أنظمة الحكم، فشلا ذريعا في نشر العلم والحضارة والثقافة، فشل في اختيار السبل المؤدية لوعي الشعب..
اليمن السعيد، الذي قال عنه النبي (ص):( أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ) ، هل أعادتنا أنظمة الحكم وفشلها أو تعمدها الفشل والإهمال في العلم والحضارة، إلى حرب البسوس؟ هل أوصلتنا أنظمة الحكم إلى أن تقوم مجزرة في القرن الحادي والعشرين عصر الانترنت والفضائيات والجامعات المفتوحة، إلى أن تتقاتل قبائل ويموت رجال من أجل حمار وأتان؟.
أعرف في اليمن شبابا من أمثال ابني وأخي خالد المسلي، مبرمج كومبيوتر، والله إنه يقوم بأعمال لم تخطر على عقول محترفي الغرب، وعلى بعد كيلومترات منه تتحارب القبائل لأتفه سبب يمكن التفكير به!!
نحتاج إلى ثورة في التعليم والتوعية والثقافة، نحتاج إلى الوصول إلى هذه العقول، فالطريق قد أقفله الظلمة والطغاة، شجعوا القبلية، شجعوا التعصب، شجعوا المحلية، وها هي النتيجة.
يجب أن يكون تفكيرنا عالميا بحجم ديننا، وممتدا بحجم تاريخنا، وعاليا بعظم نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.
يجب أن نتعلم الحضارة من جديد، ولا عيب في هذا، فالحضارة الإنسانية تنمو كل يوم، ولا عيب إن جهلنا ولكن العيب إن لم نتعلم.
دوركم يا شباب الأمة، أنتم القادة الحقيقيين، علموا المجتمعات حولكم، انقلوهم إلى القرن الحادي والعشرين. إنها رسالتكم، ولن تتطوروا ولن تتقدموا إن لم تؤدوا هذه الرسالة.
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق