بعد التحول الاقتصادي الذي شهده العراق منذ سقوط النظام السابق وانتعاش اقتصاده بشكل ملحوظ بداء العديد من المواطنين بتحويل الاراضي التي يمتلكوها والمطلة على الشوارع العامة الى عمارات تجارية تحتوي على مجموعة محال تباع او تؤجر بنظام (السر قفليه) ويكون اتفاق بين المالك والمستأجر، اذ يقوم المستأجر بدفع مبلغ معين من المال مقابل امتلاكه المحل مع دفع ايجار شهري يحدد من قبل الطرفين ، ويحق للمستأجر ان يقوم ببيع المحل اذا اراد ان يخرج منه باعتباره يملك المحل بالنظام المذكور انفاً ،
ولكن ما يحدث ان أصحاب العمارات التجارية بداء يطالبون بزيادة الإيجار الشهري بين الحين والأخر حتى وصل الامر الى المطالبة مبالغ خيالية تصل في بعض الأحيان الى المليون ونصف دينار عراقي دون وجود رادع لهذه الاعمال التي تعد خطيرة على اقتصاد البلد بشكل عام حسب رأي خبراء الاقتصاد ، ومن الملاحظ ان هذا النظام لا يوجد له قانون مشرع في الدستور العراقي الا انه القانون يسمح بالتعامل به للمحال التجارية والمقاهي والصالات الخاصة والبنية التي تستخدم في مشاريع تجارية ، ويمنع استخدامه في العقارات السكنية كونه يعد مخالف لقانون (إيجار العقار) ، جريدة بلادي اليوم فتحت هذا الملف والتقت بعض من المختصين في هذا الجانب.
المطالبة بتشريع قانون
الخبير القانوني اسماعيل علوان يقول ان: لا يوجد اي قانون في الدستور العراقي ينص على وجود نظام السر قفليه وإنما هنالك بعضاً من المالكين يحاولون ابتزاز المستأجرين بأخذ مبالغ منهم عند استئجار عقاراتهم بما يسمى السر قفليه ،
ودعاء علوان مجلس النواب والحكومة العراقية الى اعداد مشروع قانون وتقديمة الى البرلمان ، ينص على وضع عقوبات صارمة لكل من يملك عقار تجاري ويتخذ الطريقة التي تعرف بالسر قفليه او في حالة ابتزازي اي مستئجر واخذ مبلغ منه بطريقة غير قانونية ،
وطالب علوان ان: يوضع حد لهذه الظاهرة المؤذية للاقتصاد الوطني والتي اصبحت متفشية في اغلب المناطق التجارية لاسيما التي تتمتع برواج تجاري مثل الشورجة وجميلة الصناعية في بغداد ،
وبين علوان ان: المؤجرين يحاولون زيادة الايجار بشكل سنوي، والمطالبة بمبالغ تصل في بعض الاحيان الى 100% وهذا الامر يكون بسبب عدم وجود تشريع قانوني يمنعهم من ذلك ، لذلك يجب ان تحدد الزيادات المسموح بها سنوياً بشكل قانوني مثلا 5% في العام الواحد، بحيث لا يستطيع المؤجر التجاوز على هذا القانون المحدد مسبقاً .
عقود طويلة الامد
المواطن رسول فليح يملك محل بنظام السر قفليه يقول إن: أصحاب العمارات التي تحتوي على المحال التجارية والتي تتكون من عدة محال يتم بيعها للذين يرغبون بشراء المحال مع دفع إيجار شهري منخفض نسبيا عن المؤجر العادي، ولكن المشكلة إن أصحاب العمارات أصبحوا يطالبون بزيادة الإيجارات بين الحين والأخر، دون وجود رادع للحد من هذه الإعمال التي يتضرر منها المؤجر، على الرغم من ان أصحاب المحال اغلبهم يملكون هذه المحال بنظام السر قفليه ، ولكن المالك الرسمي يقول انه يملك الحق القانوني برفع سعر الإيجار بما يتناسب مع الوضع العام للسوق ، ويضيف ان: هذه الظاهرة أصبحت متفشية بين المحال التجارية حتى وصل الأمر الى المطالبه من قبل المالك الرسمي بإيجارات خيالية في بعض الأحيان تجعل صاحب المحل مضطر الى بيع المحل لكي يخلص من هذه المشكلة لاسيما وان هنالك محال تجارية يكون مردودها المادي قليل جدا ولا يسد تكاليف الإيجار المرتفع التي يطالب بها صاحب الملك،
وأضاف فليح ان: الايجار يجب ان يكون محدد من قبل جهة قانونية تضمن حق الطرفين، لكي لا يستغل صاحب الملك المؤجر كما هو حاصل فضلا عن وجود جهة قانونية تعمل على وضع عقود الايجارات طويلة الامد التي تحدث بين الطرفين.
مطالب بزيادة سعر الايجار من قبل المالك
أصحاب محلات في الشورجة يقولون ان موضوع زيادة الايجار اصبح مشكلة تواجههم اذ ان اصحاب الملك يقومون بزيادة اسعار الايجار بين الاحين والاخر ونحن مضطرون الى الخضوع لهذه الزيادة التي يفرضونها دون ممانعة من قبلنا لاسيما وان هذه المحلات قديمة وصغيرة الحجم.
كما يقول التاجر علي القزويني ان: زيادة اسعار الإيجارات اصبح مشكلة حقيقية تحتاج الى وضع قوانين من قبل المختصين في هذا الجانب من اجل المحافظة على رتب الإيجارات بشكل عام وان لا يستغل المؤجر من قبل المالك بهذه الطريقة الغير قانونية لاسيما وان صاحب الملك يرغمك على الخروج من ملكة اذا ما رضخت للزيادة التي يفرضها ويأتي بمؤجر جديد بالسعر الذي قد لا تدفعه له وهذا الامر اصبح مشكلة حقيقية أضرت بالعديد من التجار الذين يملكون محلات بنظام الايجار الشهري، لاسيما ان هنالك مخازن تجارية وصلت ايجاراتها الى سعر يفوق الخيال،
مساحة صغيرة
وأضاف القزويني ان: إيجار المحلات في الشورجة مرتفع بشكل مبالغ به اذا ما قورنت مع المحلات التجارية الاخرى التي تكون في مناطق تجارية مثل (جميلة الصناعية) اذ ان هنالك محلات وصلت اسعار إيجارها الشهري الى المليون والنصف دينار عراقي للشهر الواحد لاسيما وان مساحة المحل لا تتعدى المترين مربع، ويضيف ان: الزيادة تحصل بشكل سنوي او نصف سنوي وفي بعض الاحيان شهري،
وطالب القزويني ان: تلتفت الدولة الى هذا الجانب وان تضع قوانين تحمي المؤجر من الاستغلال، وان تكون هنالك لجان مختصة تتكفل في تحديد سعر الإيجار الشهري او السنوي للدار او المحل بشكل يضمن حق الطرفين فضلا عن وجود عقد يبرم في المحكمة او المكتب المختص في هذا الجانب لتحديد سعر الإيجار.
إبرام عقد جديد
صاحب محل روتانا لبيع مواد التجميل في مدينة الشعب محمد امين يقول انا: اشتريت المحل بنظام السر قفليه منذ العام 2001 من شخص كان قد اشترى المحل من صاحب العمارة الشرعي، ولكن بعد مرور هذه السنوات فارق صاحب العمارة الحياة، وبعد مدى قصير ابلغنا الوريث الشرعي للملك ان العقود التي أبرمت مع والدة تعتبر ملغية وانه يعتبر صاحب الشأن في هذا الجانب وليس له علاقة في العقود السابقة، وبعد ان حدثت اعتراضات من قبل أصحاب المحلات التي يمتلكونها بنظام السر قفليه، ابلغنا صاحب الملك انه له الحق في ان يقوم بإخراجنا قانونيا من المحال، وقد أذهلنا كلامه فكيف يحق له اخراجنا ما دمنا نملك عقود شراء هذه المحال بنظام السر قفليه، ولكن بعد مراجعة المختصين اتضح انه لا يوجد هنالك قانون يحمي المالك بنظام السر قفليه وهذا الامر يعد دخيل على القانون العراقي لذلك لم يشرع بشكل رسمي في قوانين العقار التجارية،
ويسرد محمد تفاصيل الخلاف الحاصل قائلا انه: بعد علمنا بانه يملك الحق القانوني اخبرنا بان نتوصل الى اتفاق يرضي الطرفين الا انه رفض ذلك وطلب منا شراء المحال بعقود جديدة وبسعر مرتفع ابهر الجميع او الخروج من المحال وجعله يتصرف بملكة، ويضيف رفضنا ما طلبه منا وقد لجنا الى القانون العشائري الذي توصل الى نتيجة معه، اذ حصل على مبلغ عشرة ملايين دينار عراقي من كل محل مع زيادة قليلة في سعر الايجار الشهري وتم عمل عقود جديدة لنا من قبله.
ويبين ان هذا الامر جعل اصحاب المحال المجاورة في العمارات التجارية القريبة يتخوفون من ان يعمل اصحاب العمارات نفس الشي معهم فضلا عن تردد العديد من الذين كانوا يرغبون بشراء محال بنظام السر قفليه بعد ان انتشرت هذه القصة في السوق.
تحد من التجاوزات الحاصلة
الخبير الاقتصادي طه الساعدي يقول ان: ارتفاع اسعار الايجارات للمحال التجارية وللدور بشكل عام يعد مؤشر خطير جدا على اقتصاد البلد بشكل عام، ولكن من الممكن ان تستوعب الدولة هذا الجانب من خلال بناء مجمعات تجارية في المناطق التي تتمتع بكثافة سكانية ويتم توزيع محال المجمع على المواطنين الذين يرغبون في شراء هذه المحال بنظام الايجار السنوي، وهذا العمل يعود بمردود ربحي للدولة ويمنع من ارتفاع اسعار الايجارات بشكل عام فضلا عن وقوف التجاوزات الحاصلة على الارصفة والشوارع العامة من قبل بعض اصحاب (البسطيات او الجنابر) التجارية، لاسيما إذا توفرت هذه المجمعات بشكل عام
ويبين الساعدي ان: هذا الامر لا يحتاج الى ميزانيات ضخمة أو الى التعاقد مع شركات اجنبية للقيام به وانما يحتاج الى وجود مساحة مخصصة له تحدد من قبل المختصين في هذا الجانب، ومن الممكن ان يوكل الى مقاولين عراقيين لتنفيذ هذه المشاريع التي تعد سهلة جدا.
ويرى الساعدي ان: شكل الاسواق التجارية الحالية يعد امر غير حضاري ويشوه التخطيط العمراني لمحافظة بغداد لما له من تجاوزات على الشارع وعلى البيئة بشكل عام، ويضيف ان اغلب دول العالم تهتم لعمل الاسواق التجارية بشكل منظم ويتماشى مع تاريخ كل مدينة فضلا عن انه يمثل معتقد وثقافة المدن، فلا بد من ان تكون الاسواق العراقية منظمة بشكل حضاري لائق بثقافة الانسان العراق.
وللقانون رأي
وعلق الخبير القانوني طارق حرب قائلا ان: لا يوجد هنالك قانون معين في الدستور العراقي ينص على بيع الملك بنظام السر قفليه وما يحدث في الوقت الحاضر هو اتفاق بين الطرفين يحدد مسبقا بموافقة المالك والمستأجر, والقانون لا يمانع في ذلك إطلاقا ولكن هذا لا يعني ان هنالك قانون ينص على هذا الامر ، اما العقار السكني فان قانون ايجار العقار منع التعامل بهذا النظام وبخلاف ذلك يسمح بيع المقاهي والفنادق والمحلات التجارية والجامعات بنظام السر قفليه كونها لا تتعارض مع قانون معين ،
واضاف حرب انه: اذا كان هنالك عقد تحريري بين المالك والمستأجر فلا يحق للمالك المطالبة بزيادة الايجار الشهري ولكن اغلب اصحاب الملك لا يتعاملون مع المستأجرين بهذا الجانب والعقد التحريري هو (100) الف دينار عراقي ولا يحق للمالك المطالبة بزيادة فوق هذا المبلغ اذا كان هذا الامر متفق عليه مسبقا ،
ويبين حرب ان: لا يحق للمالك ان ينهي عقد الإيجار المبرم بينه وبين المؤجر ، وحسب احكام القانون المدني الذي ينظر حالات انتهاء عقد الايجار، لاسيما ان الإيجار يجب ان تحدد مدة انتهاء من قبل الطرفين مثل ينتهي في سنة او اكثر من ذلك.
بناء اسواق عصرية
نائب محافظ بغداد محمد الشمري يقول ان: لدى مجلس محافظة بغداد خطة لبناء مجمعات تجارية وأسواق عامة وهذا العمل سيتم بالتنسيق مع أمانة بغداد وسيتم بناء مراكز تجارية واسواق عصرية حديثة وقد خصصت المحافظة المبالغ المالية التي تحتاج اليها هذه المشاريع ،
وأضاف الشمري ان: الاسواق سيتم بنائها في اقضية ونواحي بغداد منها قضاء (الطارمية) وقضاء (التاجي) وقضاء (المحمودية) ، فضلا عن انه المحافظة تدعم المشاريع الاستثمارية في بناء المراكز التجارية التي تهدف الى تطوير القطاع الخاص بشكل عام لاسيما بناء المولات داخل حدود المحافظة ، ويضيف ان" هنالك اكثر من (٤٦) إجازة استثمار لبناء هذه المولات تقدم بها مستثمرين عراقيينوقمت الموافقة على هذه العروض من قبل مجلس المحافظة ،
وبين الشمري ان: هذه المشاريع تهدف الى دعم المواطن العراقي بشكل عام فضلا عن المنافسة مع اسواق القطاع الخاص في سعر الايجارات لاسيما ان زيادة اسعار المحلات التجارية يشكل خطر على اقتصاد البلد ، فضلا عن ان هذه المشاريع ستوفر فرص عمل جديدة للعاطلين عن العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق