خلال الاجتماع السنوي للوكالة الدولية للطاقة النووية في فيينا، يوم 20 سبتمبر/أيلول . استطاعت الولايات المتحدة وحلفاؤها إفشال مشروع أممي لاخضاع الأسلحة النووية “الإسرائيلية” للمراقبة الدولية، المشروع قدمته إيران بمساندة عُمان “لحمل “إسرائيل” على الامتثال إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ووضع كافة منشآتها تحت رقابة شاملة للوكالة” . نتيجة التصويت كانت 43 دولة مع المشروع مقابل 51 ضده وتغيب 32 دولة .
اليوم يتخذ السوريون قراراً بتدمير ترسانتهم الكيماوية، ولا يمكن لعربي واحد أن يكون سعيداً بتدمير أي سلاح يعتبر نقطة قوة في معادلة التوازن الاستراتيجي مع “إسرائيل” . لكن سؤالاً ينبع من خلال حجب الحزن والقهر العربيين: هل يمكن أن يؤدي هذا الموقف إلى طرح الموضوع “الإسرائيلي” من جديد وتجاوز فارق الثمانية اصوات في اجتماع 20 سبتمبر/أيلول؟
يقول المثل الشعبي: كل شر وفيه خير والعكس . فيما يعكس ثقافة بعيدة عن المانوية التي كان آخر من تبناها المحافظون الجدد في أمريكا: شر وخير، أبيض وأسود ولا منطقة بينهما . فهل يمكن أن نجد تلك المسافة الرمادية في العبور الأقوى إلى طرح ادخال النووي والكيماوي “الإسرائيليين” إلى مظلة مراقبة وكالة الطاقة الدولية؟
سؤال جاء الجواب عليه من مجلة “فورين افيرز” (عدد 19 سبتمبر/أيلول 2013) التي نبهت الى أن مصير الأسلحة الكيماوية والنووية “الإسرائيلية” لم يغب عن بال روسيا وسوريا، وقالت: “قالها الرئيس الأسد بوضوح ومر عليها عابراً الرئيس الروسي بالدعوة إلى ترابط مسألة تخلص سوريا من ترسانة أسلحتها الكيميائية مع أسلحة الدمار الشامل لدى “إسرائيل”، وعليه اعتبرت الدورية الأمريكية أن الاتفاق الأمريكي - الروسي يشكل “نبأ عظيماً ل”إسرائيل” . . لما يوفره من اطار للتخلص من أسلحة سوريا الكيميائية” ولكنها اعتبرت، في الوقت ذاته أن هذا التحول يشكل إحراجاً للدولة العبرية حيث “أضحت سياستها في الصمت والكتمان والغموض، حول حقيقة ترسانتها الكيميائية والنووية، تشكل عبئاً سياسياً عليها” وأضافت” فورين افيرز” أنه لم يعد “من مبرر لحاجة “إسرائيل” لأسلحة كيميائية بالمطلق” . في ما يعني تمهيداً لجعل الاتفاق الدولي يشمل “إسرائيل” على طريق تخليص منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل .معادلة الكيماوي السوري في مقابل الكيماوي “الإسرائيلي” تنقلنا إلى سؤال حول معادلة أخرى: النووي الإيراني مقابل النووي “الإسرائيلي” . وهنا ننتقل إلى إيران حيث لا بد لنا أن نلحظ أن وصول حسن روحاني إلى السلطة لم يكن صدفة ديمقراطية، حتى وإن كانت الانتخابات نزيهة مئة في المئة، لأن اللعبة الانتخابية لا تحبك في صناديق الاقتراع بل قبل الوصول اليها . وإذا كانت إيران قد حبكتها هكذا، فانما لمعرفتها بأن مرحلة جديدة ستبدأ في العلاقات الدولية وبالتالي الشرق أوسطية . وهذا ما أكد عليه تشكيل الفريق الرئاسي . ليأتي فيما بعد كلام روحاني عن شفافية المشروع النووي واستعداد بلاده للتعاون مع الوكالة الدولية وفق هذه الشفافية، ليعزز أمرين: الاول مصالحات ما، ستعقد عبر صفقات ما . والثاني فتح باب أوسع للمطالبة باخلاء الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل . أي “إسرائيل” . ( لاننسى ان إيران هي التي قدمت المقترح في فيينا)فهل يعني كل هذا أن مكسباً ما سيتحقق من خلال الخسارة الجسيمة السورية؟ هل يعني أن رياح التغيير التي بدأت باتجاه الاعتدال عبر تغيير الوجوه، هي نفسها التي بلغت إيران بالطريقة نفسها . ولكن باسلوب آخر؟ وهل يمكن أن تتوقف هذه الموجة عند الدولتين؟ أم انها ستكون سمة الحل السوري وربما تغييرات تتعاقب تباعاً في معظم الدول الاقليمية الأخرى لترسم وجهاً جديداً للمنطقة قد يتناسب مع يالطا الجديدة التي ترسم بعد انهيار النظام العالمي الجديد الذي برز عام 1990 وبروز نظام آخر جديد يذكرنا بقول السياب: الليل يجهض فالحياة شيء يكون أو لا يكون!! المؤلم أن الليل لم يكن الا ليلنا نحن العرب .
مقالات للكاتب د. حياة الحويك العطية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق