نجزم أن ما يقوم به نشطاء الثورة المصرية المجيدة، بجمع التواقيع لرفض المساعدات الأميركية، هو استكمال للثورة، واصرار على تحقيق اهدافها النبيلة في الحرية والكرامة والعيش الكريم، والتي لا تتحقق الا باسترجاع كرامة مصر، واستقلالها الوطني الذي تضرر كثيرا، بعد توقيع “كامب ديفيد”.. وبعد ان مدت يدها للمساعدات الاميركية.
لقد دأبت الادارة الاميركية على التدخل في الشأن المصري تحت عباءة هذه المساعدات، الا ان هذا التدخل تجاوز المعقول بعد 30 حزيران، وأثار دور السفيرة الاميركية السابقة السخط الشديد في اوساط الشعب المصري، وخاصة في اوساط شباب الثورة، وهي تنحاز لطرف دون الآخر، وتعمل على تعميق الانقسام في المجتمع المصري ، محاولة تكرار سيناريو سوريا، وشكلت تصريحات السيناتورين ماكين و غراهام خلال زيارتهما للقاهرة استفزازا خطيرا، وكأن مصر ليست دولة مستقلة ، وانما هي ولاية اميركية..!!
لم يقف الامر عند هذا الحد فجاءت تهديدات الرئيس اوباما والعديد من قادة الكونغرس والادارة الاميركية، بقطع المساعدات العسكرية عن الجيش المصري ، لتزيد من صورة التدخل الاميركي غير المقبول في الشأن الداخلي المصري ... وللعلم فان اغلبية المساعدات الاميركية لمصر، والبالغة مليارا وسبعمئة الف دولار ، تذهب للجيش المصري في صورة معدات واسلحة، والباقي في صورة مساعدات غذائية، وقد اقرت هذه المساعدات بعد توقيع مصر على معاهدة “كامب ديفيد”، كمكافأة لها..!!
ان قراءة ما بين السطور يؤكد ان واشنطن ترفض ان تقوم علاقتها مع مصر على اساس الندية والاحترام المتبادل، بل تعتبر مصر تابعا يدور في فلكها، ومن هنا فغالبا ما تشهر سيف هذه المساعدات ، حينما ترى ان مصر تحاول ان تكون مستقلة ، أو بالاحرى بعيدة عن الفلك الاميركي. السلوك الاميركي المتعجرف هذا يؤكد جملة حقائق اهمها:
ان أميركا ليست جمعية خيرية، ومن هنا فمساعداتها لمصر وغيرها من الدول يجب ان تصب في مصلحة واشنطن ، وتخدم توجهاتها واهدافها ، وبالتالي فمصر ما دامت ارتضت ان تأخذ هذه المساعدات، فما عليها الا ان تنفذ السياسة الاميركية والرغبات الاميركية ليستطيع ساكن البيت الابيض اقناع المواطن الاميركي ، دافع الضرائب .. وصاحب هذه الاموال، بان المساعدات لمصلحة اميركا، ولمصلحة الشعب الاميركي.
وفي السياق نفسه فلا بد من الاشارة الى تمويل اميركا للعديد من المؤسسات الاهلية المعنية بالديمقراطية والحوار في مصر وغيرها من الدول العربية والاسلامية، وما جرى بعد ذلك من احالة عدد من العاملين في هذه المؤسسات الى القضاء، بتهمة التجسس، وتدخل واشنطن للافراج عنهم خلال تولي المجلس العسكري للسلطة في مصر ، ما يسهم في توضيح الصورة أكثر.
باختصار.....نثمن دور الشباب المصري المصمم على استرداد السيادة المصرية والكرامة المصرية، من خلال رفض المعونة الأميركية ، لاستكمال اهداف الثورة ورسالتها المجيدة ، فلا حرية ولا كرامة لمصر وشعبها، الا بوقف التدخل الاميركي.
مقالات للكاتب رشيد حسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق