تعززت فرص التوصل إلى حل بشأن موضوع الأزمة الإيرانية المتعلقة بالبرنامج النووي وخاصة بعد استئناف الوكالة الدولية للطاقة الذرية محادثاتها مع طهران. وقد جاء ذلك في ضوء تعهد إيراني بوضع خطة إيرانية للمحادثات الشهر المقبل مع الدول الست الكبرى في جنيف. وبحسب التصريحات الإيرانية فقد رأت في تحسن أجواء العلاقات الإيرانية الأمريكية خطوة بإمكانها أن تؤدي إلى تحسين العلاقات بين البلدين في قطيعة دامت أربعة وثلاثين عاماً.حصلت هذه التطورات في وقت انطلقت فيه أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بحضور 131 رئيس دولة و60 وزيراً للخارجية.وتنبأ مراقبون غربيون بحصول مثل هذه التطورات التي كانت بداية لجسّ نبض إيراني أميركي وهو الأمر الذي أيضاً تناولته الصحافة الغربية ولاسيما اللأميركية التي بدأت تنشر تغريدات الرئيس الإيراني حسن روحاني في صحيفة «نيويورك تايمز» قبل عدة أسابيع. إذ تساءلت عمّا إذا كان روحاني سيكون مختلفاً عن رؤساء إيران السابقين ويبدو أن تساؤل الصحيفة جاء ليضع الإجابة وهي كما تبدو أن روحاني بدأ بخطوة مهمة نحو الاتصال الإيراني - الأميركي في ظل قلق إسرائيلي وخليجي من هذا الانفتاح في العلاقات.
اتصال الرئيس الأميركي باراك أوباما بروحاني هي سابقة بين رئيسين أميركي وإيراني منذ العام 1979 وهي خطوة جادة من الجانب الأميركي الذي يريد لهذه العلاقات أن تكون إيجابية وهي بلاشك سيكون لها الأثر الكبير على ملفات دول في المنطقة التي مازالت تنتظر حلولاً سياسية جادة.
أوباما يأمل في حل شامل مع طهران وكما يبدو من تصريحات الرئاسة الإيرانية فإن اتفاق الطرفين سيزيل الهواجس إزاء سلمية البرنامج النووي الإيراني واحترام حقوق الشعب الإيراني باستخدام الطاقة النووية في الأهداف المدنية.
هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الرئيس الإيراني كان له دور آخر في هذه الأيام بنيويورك إذ استأثر بالأضواء خلال الدورة السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة مقارنةً بنظرائه، فكان حاضراً في الإعلام التقليدي والجديد، بل كان هناك كلام وتقارير كثيرة عما إذا كان رجل الدين سيحدث أية تغييرات حقيقية في مقابل عزل بلاده بسبب برنامجها النووي.هناك فرق بين أسلوب ولغة روحاني عن سلفه محمود أحمدي نجاد الذي دأب على أسلوب متشدد وناري في خطبه إذ أيد نظريات المؤامرة في شأن اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، ما دفع بالدبلوماسيين الأجانب في السنوات الأخيرة إلى مغادرة قاعة المجلس على الفور لدى اعتلائه منصة الأمم المتحدة إلا أن هذا الأمر لم يحدث مع روحاني الذي تبنى نبرة معتدلة بعيدة عن التهويل والتشدد والاستعلاء على الآخر. كما أنه تكلم حول المحرقة اليهودية «الهولوكوست». وقال إن «كل جريمة ضد الإنسانية، بما فيها الجرائم التي ارتكبها النازيون ضد اليهود، تستحق الشجب والإدانة».أمّا على الصعيد الإعلامي مع وسائل الإعلام الأميركية فقد نسق روحاني حملة إعلامية، ولأن المفاوضات حول الملف النووي متوقفة منذ ثماني سنوات، أعرب روحاني لصحيفة «واشنطن بوست» عن الأمل في التوصل إلى اتفاق في القريب العاجل «في غضون ثلاثة أو ستة أشهر».وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية فقد عقد روحاني مع كُتّاب افتتاحيات ورؤساء مجموعات إعلامية لقاءً في فندق كبير مواجه لمبنى الأمم المتحدة. وقد اغتنم هذه الفرصة ليشرح لماذا لم يعقد اللقاء المنتظر مع الرئيس باراك أوباما كما استخدم موقع تويتر في حملة الانفتاح التي بدأها. فعلى حسابه باللغة الإنكليزية اختار مداخلاته الكثيرة بعناية فائقة. لكن المضمون كان خفيفاً أحياناً. ففي صباح أحد الأيام، نشرت صورة للرئيس في المقعد الخلفي لسيارة «في طريقه إلى مانهاتن».ببساطة، روحاني الذي درس قسماً من حياته في اسكتلندا يعرف العقلية التي يعمل بها المجتمع الدولي ليس هذا فحسب بل إنه يعرف ما يقلق الولايات المتحدة، ويعرف أيضاً كيف يجتذب الآخرين وكيف يستخدم الدبلوماسية... وهو ما تناولته وسائل الإعلام الغربية والأميركية على وجه الخصوص التي وصفته بأنه استطاع كسر جليد العلاقات بين البلدين... وهو يعني أننا سنشهد مرحلة جديدة.
مقالات للكاتب ريم خليفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق