الأحد، 29 مايو 2016

رسالة شهيد

~انه سمير ومن قبله مصطفى هي رسالةٌ منه وهي رسالةٌ اليه..
ما أروعك وأنت تحمل سلاحك لتدافع عن كرامة الفلوجة وشرف بناتها.. وما أعظم إرادتك وأنت تتحدى بكبريائك ضآلة الحاقدين عليك!! وما أشجعك وأنت تقتل اعداءك بسيف صمتك الواثق بالله والمتعالي على كل هؤلاء الاقزام أمام "عملقتك".. ما أكبر نفسك وأطهر قلبك وانت مقيّد اليدين لكنك قيّدت جموع الاعداء الجبناء من حولك بحبل الله الذي اعتصمت به.. فتجلس رابضاً كالأسد وتنظر واثقاً نظر من رأى الجنة!! وهو فيها منعّماً وتتماسك في حركة جسمك كتماسك أركان روحك وعقلك ونفسك في داخلك من وحي عقيدتك!! ابني لقد تمنّى كلُّ شريف لو أنه عانقك عناق الأب لابنه بل عناق الابن لأبيه حتى يخرَّ معك سويةً بالبدن الى الارض لحظة إعدامك وأنتما مضرَّجَان بالدم.. لتختلط مع بعضها تقرّبا الى الله وتعرجا بروحيكما وهما ممزوجتان الى السماء!! تلبّيان نداء الحسين (ع) "اللهم ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى"..
سخرتَ بشجاعتِك من جُبنِهِم وتطاولت بهامَةِ اطمئنانِ نفسِك المستقرّة على هَلَعِ نفوسِهِم.. وأنتَ تكتب بأحرفٍ من نور نهايةَ صفحةٍ من حياةِ دنيا زائلة انطوت وبداية صفحةٍ مشرقةٍ لحياةٍ خالدة بدأت..
كريماً كنت في كلّ ما أعطيتَ وأكرم بما فاضَ به كفُّ جودِك من فيضِ روحِك الطاهرة التي لَمْ يخالطْها حقدٌ على أحد ولم يدنّسْها شركٌ بمعبود من الطواغيت.. ما وصلت الى ما وصلت لولا صلتك بالله التي ملأت وجودك وغمرت بها الوجود من حولك!! فهنيئا لك إذْ لا يساورك الخوف ولا يعتريك الحزن.. وهو ما وعد به الله عباده المخلصين..
الفلوجة يا ابني قطعة أرض في بلد العراق.. إنها تمنّت أن تتشبّه بكربلاء "تتكربل"!! باحثةً عن دماءٍ حسينية تسقيها فكان لها دمُك ودم اخوانك من أهلِها وأهلِك يجمعكم حبُّ الله ويفرّقكم عن أعدائكم ما يكره..
ها أنتم اليوم بضيافة الله تمرح نفوسكم بجنته.. وتستبشر بالذين لم يلحقوا بكم من اخوانكم.. ما الذي دفعكم لترك أرضكم حيث الأهل والسكن والسكينة؟! وتتجهون لأرض أخرى لولا حبكم لله وتفانيكم من أجل العراق أرضاً وكرامةً وسيادةً وشعباً!!..
الفراق لابد منه لكنّ فراقاً كهذا الذي صنعته ايديكم وبمحض إرادتكم تتركون دنياً بأنصع صفحة وتطلّون على الاخرة بأكرم منزل..  إنه وصلٌ وشرفٌ لا يماثله شرف وأجرٌ لا يعدله تكليف!! هنيئاً لكم بما قدّمتم بصدق وما جنيتم بحق..
اذكرني عند ربك وانت حي أن يلحقني بركب الصالحين وإن تأخّر بي العمر فما أحلى جمعكم وأكرم محلّكم وأسعد حياتكم..
تقواك أوصلتك الى ما وصلت اليه وهي ذاتها التي جمعتك مع أقرانك بصلة دنيا زالت.. وعليها تلتقي معهم في اخرة تدوم وبصلة لن تنقطع..
}ٱلأَخلآءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِين{
شرفٌ لابنك أنك أبوه فقد كنت مربياً وبارّاً وأمسيت أبرّ.. وشرف لأبويك انك ابنهما فقد كنت بارّاً بالامس واليوم تكون لهما شفيعاً.. شرفٌ لكلِّ اخوانك وأصدقائك ومن عاشرك انك عدت معلّماً لن ينسى ولا يمحي الزمن دروسه..
ما أعظم من صنعك من عقيدة وفكر!! وما أعظم من صنعك من أبوين ومربّين!! وما أعظم ما صنعت من تضحيةٍ وإيثار!!..
قد تَرَكُوا وتركت والبون شاسع بين التركتين ذخيرة دنيا زائلة وذخيرة جنة الخلد.. ما أَعَزَّ ما عشت وأذل ما عاشوا وما أسعد ما لقيت وما أشقى ما سيلقون..
لقد بَلَغتَ ما تصبو اليه من هدف وبلّغت ما كنت تحمله من أمانة.. فطب نفساً فيما بَلَغتَ وبَلّغت.. وهنيئاً لك الجنة ورضوان من الله أكبر..

    

http://beladitoday.com/?iraq=%D1%D3%C7%E1%C9-%D4%E5%ED%CF&aa=news&id22=62553مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق