السبت، 24 ديسمبر 2016

الإنسان كلمة وموقف

~تتعدد معايير التقييم للانسان بتعدد الزوايا التي ينظر من خلالها تخصصياً أو قبلياً أو مادياً أو عاطفياً لكنها غير معبرة تمام التعبير عن محتوى الانسان الداخلي حيث تكمن قيمته الحقيقية ولا تعكس مواقفه وسلوكه الذي يترشّح عن محتواه..
الكلمة تعبير عن فكر وهي وحدة بناء الثقافة فالصرح الثقافي مهما كان شامخاً تبقى الكلمة لبنةً فيه .. من نماذج الكلمات المشهورة قول الرسول (ص): لو تعلقت همة احدكم في الثريا لنالها. وقول علي (ع ): "قيمة كلّ  امرئٍ ما يُحسِنه" وقول السيد المسيح (ع): ماذا ينفعك لو أنك ملكت الدنيا وخسرت نفسك. وكلمة غاليليو المعبرة عن دوران الارض حول الشمس: سيموت غاليليو وستضل الارض تدور حول الشمس.
وكلمةُ ياسر وسمية وهما رهن التعذيب يرفضان كلمة هبل ويرددان كلمة أحد أحد!!
انها كلمات في مواقف ومواقف في كلمات ليمتزج فيها الفكر بالارادة..
ارادة الحر الرياحي وهو يمشي برجله نحو القتل مع الحسين (ع) صادحاً بصوته "أخير نفسي بين الجنة والنار"
وكلمة عمر المختار وهو يعتلي منصة المشنقة مخاطباً الطليان الجناة: تكسرون سلاحي ولا تكسرون ارادتي!!..
ومحمد باقر الصدر مواجهاً الاجرام الصدامي: "لقد صمّمت على الشهادة"!!
من العظمة أن يعزم الانسان على الشهادة ليطيح بالطاغوت ويخط بدمه نهاية مرحلة وبداية أخرى!! انهم صناع مستقبل حين يستشرف وصناع تاريخ حين يقرء غداً..
من يراجع مسيرة الشهداء يكتشف فضلهم على الانسانية وأنهم من أنقذوها..
على الضفة الاخرى ضفة الخيانة والاجرام والنفاق.. وقفت شريحة من هؤلاء ليعبّروا عمّا تكنّه قلوبهم من أحقاد و"بتشابه القلوب" "تتشابه الأفعال".. بغض النظر عن اختلاف أزمنتهم وأعمارهم وبلدانهم ليؤكدوا الحقيقة القرآنية "تشابهت قلوبهم" أروع ما بالانسان ما يطلق من كلمة وما يصنع من موقف..وحين يتناقض بينما يحمل بداخله من يقين وما يظهر من سلوك.. يعيش معها الانفصام النكد مهما أبدى من انسجام ظاهري مزيف في سلوكه "وَجَحَدُواْ بِهَا واسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُم".. هو هذا الانسان كلمة وموقف وهذه هي قيمته حين يفقدهما يفقد قيمته وان عاش وحين يحافظ عليهما يبقى حيّاً وان قتل..

http://beladitoday.com/?iraq=%C7%E1%C5%E4%D3%C7%E4-%DF%E1%E3%C9-%E6%E3%E6%DE%DD&aa=news&id22=69767

    مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق